للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحرب في أسبوع]

للأستاذ فوزي الشتوي

البلقان

تجتاز الحرب الآن فترة هدنة قصيرة، تنتظر فيها الأداة الحربية نتيجة المباحثات السياسية، فهي فترة صراع عقلي قاس، يتناول خريطة العالم بأجمعها، فالمباحثات السياسية دائرة في روما وبرلين وطوكيو ولندن وموسكو ووشنجطن، وتتناول موضوعاتها مستقبل الدول في العالم القديم والجديد.

ولكن أبرز هذه المباحثات وأكثرها جذباً لأنظار العالم ما يدور حول البلقان، تلك البقعة التي تنبأ لها العالم قبل أن تنشب الحرب بأنها ستكون مسرح نضال عنيف؛ ودامت الحرب عشرة شهور والبلقان تترقب ما تكشف عنه الأيام والحوادث. فهل تكشف الحوادث الأخيرة عن مصير (نصف دستة) من الدول؟ وهل ينتقل ميدان الحرب إليها أم تتولاها يد الاتفاقات السياسية بالبتر والترقيع؟

هذه أسئلة لا تسهل الإجابة عنها، فالسياسة تلد كل غريب، والمناورات الحربية تخلق المتناقضات، ولا نستطيع أن نجزم إذا كانت المناورات السياسية الحالية مناورات عسكرية يقصد بها شغل الرأي العام عن حركة عسكرية تعد، أم أنها مباحثات سياسية فعلاً؛ فالحرب الآن لا تقتصر على البندقية والمدفع ولكنها تمتد إلى الحالة المعنوية للشعوب.

نصيب الأسد

وعلى أية حال، فالبلقان الآن في كفه القدر، تتطاحن من أجلها دول أوربا الدكتاتورية علناً، وإن كانت تذيع في الوقت نفسه أنها متفقة كل الاتفاق، وقد تتفق سياسياً كما قالت الأنباء البرقية ولكنه سيكون اتفاق الإكراه، لأن الروسيا سواء اتفقت أم لم تتفق ستخرج من الغنيمة (بنصيب الأسد)، وستضطر إيطاليا إلى ابتلاع أمانيها والتخلي عن أطماعها التي طالما رددها موسوليني، وسترغم ألمانيا على نسيان وعودها. فالموقف الآن غير ما كان من سنة، فقد رق الآن قناع ستالين وبانت من خلفه أنياب أقسى مما كان موسوليني وهتلر يظنان، وأصبح لروسيا وحدها تقرير مصير تلك الدول.

<<  <  ج:
ص:  >  >>