للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأندية الصحفية

يظهر أن الحرب الحاضرة سيكون لها تأثير في مصاير الأندية الأدبية: ذلك بأن الظلام الذي يغمر شوارع القاهرة في هذه الليالي قد أضاع بهجة القهوات، وصرف روادها إلى أماكن جديدة هي إدارات الصحف والمجلات.

فقهوة نيويار بميدان إبراهيم لم تعد أمسياتها ملتقى السامرين من أهل العلم والأدب والذوق، وكذلك صارت قهوة السلام بذلك الميدان مجفوة من روادها بعض الجفاء، ومشرب سيسل جفاه أصدقاؤه الأقدمون، وقهوة ريجينا صد عنها من كانوا يجعلونها ندوة الصيف. . . وهكذا صار من العسير أن نجد الفرصة للأنس برؤية بعض الإخوان على غير ميعاد في تلك القهوات كلما جذبنا الشوق إلى أطايب الأسمار والأحاديث.

ومع ذلك عوضنا الله خيراً، فقد انتقلت تلك الأندية إلى إدارات الصحف، وصار من السهل أن نجد من نحب من الإخوان حين نريد، ولكن ما خصائص تلك الأندية الصحفية؟

أرجو أن تسنح فرصة قريبة لتفصيل الكلام عما يقع في إدارات الصحف والمجلات من العناية بتعقب أخبار الآداب والفنون.

نادي المعارف

وما أريد (نادي المعارف) في بغداد الذي يلتقي فيه جمهور المعلمين كل مساء، وإنما أريد النادي الذي أنشأناه بوزارة المعارف في المنطقة الشمالية من الديوان.

ونواة هذا النادي كانت بمكتب تفتيش اللغة العربية، وكان وقوده من المجادلات النحوية والصرفية واللغوية، ثم انتقل إلى البهو الفسيح الذي يجتمع فيه كاتمو أسرار الوزير والوكيلين، إن صح أن لوزارة المعارف أسراراً لا تذاع!

هو ناد مبعثر، ولكنه جذاب، لأنه يجمع أشتات الألوان ولأن أعضاءه جميعاً من أهل البصر بالأدب الرفيع، وإن كان فيهم من لا يقرأ المجلات الأدبية إلا بالمجان، وحجتهم أن وزارة المعارف لا تشترك في بعض المجلات الأدبية إلا لتوفر على موظفيها من الأدباء بضعة قروش في كل أسبوع، وهي حجة من الوجاهة بمكان!

وليس لهذا النادي مواعيد، فأنا أذهب إليه حين يخف ضجيج الجدل بمكتب تفتيش اللغة

<<  <  ج:
ص:  >  >>