للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بمناسبة هذا الموسيقار الألماني (إن الموسيقى لأقوى من كل تدابير السياسة في تأليف الشعوب).

وأكثر من هذا وذاك كانت رعاية الملك والملكة وأمارت عطفهما القلبي على الأدباء خاصة. ولم يعزب بعد عن الأذهان أنه في زيارته الأخيرة لفرنسا منذ شهور. رأس حفلة العشاء التي تقيمها (مجلة العالمين) وقد سره من الحفلة أن استطاع مطارحة الأدب مع طائفة من الكتاب واستدلوا من حديثه على واسع إلمامه بالأدب الفرنسي الحديث

وقد كانت آخر إمضاءات ملك بلجيكيا يوم السبت قبل ذهابه إلى النزهة المشئومة، هو إمضاؤه الذي مهر به أمره الكريم بمنح رتبة ضابط من طبقة التاج للمؤرخ الفرنسي (شاتيل) لنشره كتاباً عن جهود بلجيكا في فرنسا أثناء الحرب. ولقد قدم لهذا الكتاب مقدمته المسيو دومرج الذي هو اليوم رئيس الوزارة الفرنسية.

ثم إن هناك فوق ما تقدم سمات اعمق في الإنسانية وأرفع نذكر منها إن الملك كان في عصر أحد الأيام في قصر (ليكن) مع ماترلنك مؤلف قصة العصفور الأزرق الخالدة فبادره ببساطه وعلى غير انتظار (يا مسيو ماترلنك. أتريد تقبيل أولادي؟)

وكانت صلته بالشاعر البلجيكي (فرهيرن) صلة حميمة. فلما أن قضى الشاعر نحبه ذهب أحد أصدقائه النواب إلى الملك يلتمس منه أن يرأس الاحتفال بنقل رفاته إلى الضريح الفخم الذي أعدوه. فقبل الملك في الحال عن طيبة خاطر. ولما أراد النائب شكره اعترض قائلا (ليس لك أن تشكرني. فان مجد فرهيرن في غير حاجة إلينا. بل نحن امرأتي وأنا - اللذان نتشرف بالاشتراك في هذا الاحتفال)

فكيف لا تكون هذه نفس فنان أديب شاء صاحبها أو لم يشأ وهذا المتسلق وحده إلى القمم، المغرم بدوار الارتفاع المشغوف بالطبيعة؛ من يكون إن لم يكن شاعراً حالما؟

عبد الرحمن صدقي

<<  <  ج:
ص:  >  >>