للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- المسيحيين الاشتراكيين - أن تنشئ لها قوة خاصة تستعين بها على مقاومة الديموقراطيين الاشتراكيين؛ وهكذا أنشئت جماعة (الهايمفر) - الشهيرة - ومعناها (الدفاع الوطني) - في خريف سنة ١٩٢٧، لتكون قوة دفاعية للمحافظين والملاك. وتولى تنظيمها وزعامتها سيد من أبناء الأسر النبيلة القديمة هو البرنس أرنست فون شتار همبرج، وقامت جماعة الهايمفر مشبعة بروح الفاشستية الإيطالية، ولكنها أعلنت أنها مخلصة للنظام الجمهوري، وأنها تعمل فقط لحماية النمساويين من خطر الطغيان الاشتراكي أو الماركسي (نسبة إلى ماركس)، ونظم الاشتراكيون من جانبهم قوتهم العسكرية المعروفة (بالشوتسبند) أو رابطة الدفاع الجمهوري وهي القوة التي أنشأوها وسلحوها منذ حين ليعتمدوا عليها في مقاومة خصومهم وفي حماية أنفسهم ومصالحهم، وتولى تنظيمها وقيادتها قائد قديم هو الجنرال كرنر، وأصبحت النمسا تموج بهذين المعسكرين المسلحين الخصيمين، ولم يمض بعيد حتى اشتبك الهايمفر مع خصومهم في ضاحية (فينر نويشتات) وهي مركز المعسكر الاشتراكي (في أكتوبر) واضطرت الحكومة أن ترسل قوة كبيرة من الجيش لحسم النزاع والمحافظة على النظام، واحتج الاشتراكيون بقوة على قيام (الهايمفر) واتهموا أصحاب الأموال باستخدامهم لإرغام الاشتراكيين والطبقات العاملة على التنازل عن حقوقهم، وبدا خطر الحرب الأهلية داهما، وحاول زعماء الفريقين التفاهم والمهادنة، واقترح البعض نزع سلاح الفريقين، ولكن هذه الجهود السلمية ذهبت عبثا.

ولبث المونسينور سيبل في منصة الحكم حتى صيف سنة ١٩٢٩ وكانت مسألة الاتحاد مع ألمانيا (الانشلوس) من أهم المسائل السياسية التي شغلت الأحزاب والرأي العام يومئذ، وكانت الديموقراطية الاشتراكية، كما قدمنا تعارض في هذا الاتحاد أشد المعارضة، وكان المونسنيور سيبل ينكره ويأباه في خطبه الرسمية، ولكنه لم يفعل شيئاً ضده من الوجهة الرسمية، ولم يقبل أن تدخل النمسا في حلف سياسي أو اقتصادي مع أية دولة من الدول الوسطى التي تعارض ألمانيا. وفى شهر أبريل استقال المونسنيور سيبل فجأة، واستطالت الأزمة الوزارية نحو شهر، ثم قامت وزارة الهر شتيروفتز أخيراً بتعضيد المونسنيور وحزبه المسيحي الاشتراكي، ولكنها لم تلبث سوى أشهر قلائل، تقدمت خلالها جماعة (الهايمفر) تقدماً كبيراً وزاد أنصارها بكثرة، ولا سيما في التيرول والنمسا السفلى،

<<  <  ج:
ص:  >  >>