للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

واضحت قوة كبيرة يخشى بأسها، وأخذ المونسنيور سيبل وحزبه في تأييدها واضطرت وزارة شتيروفتز تحت ضغط الهايمفر أن تجري عدة إصلاحات دستورية، ولما زاد ضغط الهايمفر وصخبهم ووعيدهم استقالت وزارة شتيروفتز (سبتمبر): واتفقت الآراء على ترشيح الهر جان شوبر مدير بوليس فينا ورئيس الوزارة السابق؛ فألف وزارته الثانية، على قاعدة الائتلاف والتفاهم مع الديموقراطيين الاشتراكيين. وكان الديموقراطيون يضطرمون نحوه سخطاً منذ حوادث يوليه. ولكنهم اضطروا إلى مهادنته والتعاون معه نظراً لتفاقم خطر (الهايمفر) واشتداد بأس المحافظين. ولم يكن الهر شوبر من خصوم الهايمفر، وكان يرى بالعكس أن يصانعهم ليكسبهم ويأمن جانبهم وليوجه حركتهم إلى ما يدعم غاياته السياسية، وأعلنت الوزارة الجديدة أنها لن تدخر وسعا في تأييد النظام والأمن وقمع كل محاولة للعبث بهما. فاستقرت الأمور نوعاً وعادت الثقة والطمأنينة، وأثبتت الحكومة أنها تملك ناصية الموقف غير مرة كلما حدث احتشاد أو تظاهر من جانب الهايمفر أو خصومهم الاشتراكيين، وأبدى الهر شوبر بالأخص براعة في تسيير السياسة الخارجية وفي توطيد الثقة الدولية بالنمسا وحمل عصبة الأمم على معاونتها.

وفي نوفمبر سنة ١٩٣٠ وقعت الانتخابات العامة وخرج الديموقراطيون الاشتراكيون بأغلبية نسبية تفوق الأغلبية التي فاز بها المسيحيون الاشتراكيون، ولكنها لم تكن كافية لأن يعود الديموقراطيون إلى الحكم، واستقالت وزارة شوبر، وقامت وزارة ائتلاف برياسة الدكتور أندر يؤازرها المسيحيون والهايمفر وكتلة شوبر المستقلة، وتولى هر شوبر وكالة الوزارة ووزارة الخارجية وكان هو الروح المسير لهذه الوزارة، وخصوصاً في الشئون الخارجية، وفي مارس من العام التالي عقدت النمسا مع ألمانيا مشروع اتحاد جمركي نمساوي ألماني، فاحتجت عليه دول الحلفاء بشدة، وكذلك دول الاتفاق الصغير، واعتبرته مقدمة لتنفيذ مشروع الاتحاد النمساوي الألماني (الانشلوس)، وطالبت بإلغائه لأنه يخالف معاهدات الصلح وتعهدات النمسا إزاء عصبة الامم، فاضطرت النمسا أن تنزل عند إرادة الحلفاء في ذلك، وأن تحيل الاتفاق الجمركي إلى محكمة العدل الدولية الدائمة لتقضي بعد ذلك ببطلانه. ووقعت خلال ذلك كارثة (كريديت انشتالت) وهو أعظم بنوك النمسا وظهر عجز جسيم في موارده وكاد ينهار بناؤه فساد الذعر المالي وكادت النمسا تنحدر إلى هاوية

<<  <  ج:
ص:  >  >>