للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- لم يكن في هذا المعرض إلا أشكال بعضها تحت النظر وبعضها فوق النظر وبعضها في مستواه. ولم يكن المقصود من هذا المعرض إلا أن يلتفت وزير المعارف إلى معلمي الرسم فيرعاهم قليلاً لأنهم في الحقيقة مغبونون ومظلومون أكثر من غيرهم من المعلمين.

- إذن فقد أعجبتك طريقة المعلم الخفيف العقل

- من غير شك، لأنها التدريب الطبيعي للتصور، والتصور هو أول ما يتطلبه الرسم.

- ولكني لا أزال أطمع في أن يرتقي تعليم الرسم عندنا إلى أكثر من هذا، حتى نرى من تلاميذنا اهتماماً بالجمال وإدراكه له كما نرى ذلك في أبناء غيرنا من الأمم.

- أنا لا أشك في أن الاهتمام بالجمال موجود عندنا كما أنه موجود عند كل الناس، ولكن شعبنا لا يزال ينطلق إلى الجمال في مطارحة الطبيعة كلما حن إليه. . . والذي ينقصنا حقاً هو التفكير في اختزان صور من الجمال نفزع إليها كلما اشتقنا لها. . . وقد يكون السبب في امتناعنا عن هذا هو فقرنا وعدم ظهور الفنان المصري الذي يخلد في صورة من الصور منظراً يشتاق المصريون إلى النظر فيه باستمرار. . . وأنا لا أزال اجهل هذا المنظر. . .

- لا أظنه منظراً واحداً هو الذي يجذب المصريين، فكل منظر يصح أن يجذبهم.

- ولم لا؟ ولكني أظنهم لا يزالون في حاجة إلى من يلفتهم إلا مواطن الحسن في المناظر الطبيعية وفي المناظر المرسومة. . . وهذا من عمل معلم الرسم، وهو لا يستطيع أن يؤديه إلا إذا كان فناناً حساساً يتذوق هو نفسه الجمال، ويستطيع هو نفسه أن يعبر عنه، وهذا المعلم هو الذي يجب على وزارة المعارف أن تبحث عنه أو أن تكونه. . . وأظنها قد بدأت تبحث عنه كما أنها قد بدأت تكونه. . . فقد بدأت تأخذ معلمي الرسم لمدارسها من خريجي مدرسة الفنون الجميلة العليا بعد أن تعلمهم أصول التربية في معهد التربية. . .

- وهل تحسن الظن أنت بمدرسة الفنون الجميلة العليا وبمعهد التربية؟

- المدرسة والمعهد فيما أرى يتبعان أضمن الطرق لتخرج الفنانين والمعلمين، غير أنهما يسمحان لكثيرين من غير الفنانين والمعلمين والموهوبين بالانخراط في سلكهما، ويظهر أنهما لا يستطيعان أن يفعلا غير ذلك، لأنهما لو دققا التدقيق المطلوب في الاختيار، فانهما قد لا يقبلان في العام الواحد أكثر من طالب أو طالبين، وعندئذ تواجه البلاد أزمة فنانين

<<  <  ج:
ص:  >  >>