للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

منكم ميثاقاً غليظاً. ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذاباً أليماً.)

فهذه مواثيق عامة تضمنتها رسالة الأنبياء وعلم الذين أوتوا الكتاب، كأن النبوة عهد على الوفاء بما تقتضيه الرسالة من الدعوة والإصلاح والنصب واحتمال الأذى والصبر وكأنها عهد على أن ينصر النبيون الحق وينصروا من جاء به.

وكذلك العلم الذي حمل أهل الكتاب أمانته. هو عهد عليهم أن يعلّموه للناس ويظهروه غير مبالين ما ينفعهم وما يضرهم في إظهاره، وكذلك كل من عرف حقاً وهُدي إلى معرفة، وكل من ولى ولاية للناس، وكل من وكل إليه عمل، كل هؤلاء كأنهم عاهدوا الله والناس على أن يُعرّفوا الناس ما عرفوا وأن يؤدوا أعمالهم على الوجه الأحسن.

ومن ذلك قول القرآن الكريم في وقعة الأحزاب:

(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً. ليجزي الله الصادقين بصدقهم.)

فهذا العهد هو ما ألتزمه المسلمون حين قبلوا الإسلام من القيام بفروضه ونصرته والدفاع عنه والاستماتة في تأييده.

والقسم الثاني من العهد الخامس: معاهدة رجلين أو فريقين على أن يسالم بعضهم بعضاً وأن يجتنبوا الضر فيما بينهم، أو تحالف فريقين على أن يتعاونوا على عمل، وهكذا؛ وهذه العهود شائعة بين الناس منذ اجتمعوا واحتاج بعضهم إلى بعض وخشي بعضهم بعضا

وقد حث القرآن على الوفاء بالعهد كله وبالغ في الأمر به. يقول في سورة الأنعام: (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى. وبعهد الله أوفوا. ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون). وفي سورة الإسراء: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً). وفي سورة النحل: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. يعظكم لعلكم تذكرون. وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً. إن الله يعلم ما تفعلون. ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به، ولَيُبَيّننّ لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون. ولا تشتروا بعهد الله ثمناً قليلاً، إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعملون).

<<  <  ج:
ص:  >  >>