للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الشركات الكهربائية الكبرى؛ فقام لديها بتطبيق أبحاثه النظرية في الوقت الذي فيه استفادت الشركة فائدة عظمى.

وقد ظل عميداً لجامعة برمنجهام حتى سنة ١٩١٩، أي أنه ظل في هذا المنصب عشرين عاماً لا يتوانى عن العمل والإنتاج والسعي وراء ما هو جديد في العلم.

وقد انتخب رئيساً لمجمع تقدم العلوم البريطاني سنة ١٩٣٣، ورئيساً للجمعية الطبيعية وجمعية الأبحاث النفسية وجمعية الأشعة المجهولة.

بهذا الوضع ترى أن لودج جمع بين العلم التجريبي والفلسفة، وكان وسيطه الأثير، وظل يتفلسف حتى حلق بفكره الصافي وخياله السامي إلى عالم الروح!

ما هو الفضاء؟ وما حدوده؟ وماذا يشغله؟ وما هذه الكواكب المنثورة في رحابه؟ وما الذي يربط بينها؟ وما هي المادة، ومم تتكون؟ وماذا يربط بين الذرات؟

صراع عنيف هذا الذي بين العالِم وبين ظواهر الكون! شجار هائل بين العقل البشري وظاهرة اللانهاية. ينظر العالِم البصير إلى الوجود نظرة المتأمل؛ فيرتد منه البصر خاسئاً وهو حسير! لقد قال (كانت) في كتابه (نقد العقل الخالص): إن العقل البشري محدود لا يستطيع اختراق الآفاق للوصول إلى ما يشفي غلته، وهذه حكمة الخالق!

ولعل ما وصل إليه أوليفر لودج كان من نوع الانبثاقات المشابهة لتلك التي فاز بها أينشتاين دون مقارنة. ومهما يكن من شيء فإن العقل الخصب لا يقف في البحث عند حد؛ لذلك ترى لون التفكير الحديث عند لودج بمعناه الكامل.

يتجه التفكير الحديث إلى تحقيق تأليف كل مادة من جزيئات منفصلة هي ذرات العناصر المركبة من كهارب وبروتونات وهذه هي الشحنات الكهربائية الدقيقة إلى أقصى ما يمكن للعقل أن يتصوره.

أخذ هذا المبدع في التفكير على هذا النمط، واتخذ من البسيط قاعدة للمركب، واستطاع إدراك الموسيقى الكونية المعبرة عن الكمال المطلق في الهارموني الأزلية الأبدية!

كان لودج مؤمناً وكان ينبذ مذهب المادية كنتيجة لإيمانه. فتراه يقول: إن العالم لا يمكن أن يكون مادة خالصة، فهناك رابط وضابط يربط بين الكائنات ويضبط علاقاتها، وليس هو بالذات مادياً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>