للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومن أساليبه الخاصة المتكررة عنده والغالبة فيما يكتب ما يأتي (تموج الإحساس. طفت موجة وسط هذه الموجات. استقوت على عجلة الزمن).

وفي كتابته فيض غزير من الألفاظ العلمية الخاصة التي تستعمل في العلوم الطبيعية أو الرياضية، ولا شأن لها مطلقاً بمباحث الأدب والنقد، وعلة ذلك أنه كان علمي العقل، علمي الدراسة، ثم اتخذ الاشتغال بالمباحث الأدبية غاية له بعد ذلك، فانساب إلى كتابته الأدبية سيل عريض من ألفاظ كانت تشغل ذهنه في علم الرياضة والطبيعة وغيرهما.

ومقالاته وكتبه مملوءة بهذه الألفاظ، ونذكر هنا على سبيل المثال بعضاً منها. فهو يقول في كتابه عن مطران (ص١٠٨) (لأن الأصل في التعصب انطلاق الشحنات المفرغة من الأعصاب).

ويقول في الكتاب نفسه ص١١٢ (وهذا الجو يفعل فعله في النفوس فعل مجال مغناطيسي في برادة الحديد). ويذكر كثيراً (التعادل) (والتقيض) (والتمدد) (والطيوف) (وعالم الجزئيات) (والدقائق) (والذرات) ويسمى قوى الحب (جاذبية).

أما التحقيق العلمي في مباحثه واتباعه وسائل علماء المشرقيات في بحوثهم، واهتمامه بالمصادر وذكرها، والتمويل عليها دائماً للاستشهاد، فذلك كله معروف عن كتابته. وهي وسائل تحتاج بغير شك إلى كثير من المعاناة والصبر والزمن.

وقد انتفع رحمه الله بكثير من الأبحاث التي كانت دائرة في السنوات العشر الأخيرة في الصحف العربية: (كالمقتطف)، و (أبولو)، و (الهلال)، و (السياسة الأسبوعية)، و (الرسالة). وكان يرجع إلى هذه الأبحاث مستشهداً على ما يعالجه هو نفسه من المباحث. ونظرة واحدة إلى هوامش مقالاته وكتبه تؤيد هذا الكلام.

لقد أصبح أدب أدهم الآن في ذمة التاريخ، فليكتب عنه المنصفون ليكشفوا النواحي الغامضة من أديب عاش عيشة الغموض ومات ميتة الغموض، بعد أن ترك خلفه آثاراً جليلة جريئة في عالم النقد الحديث.

(القاهرة)

محمد عبد الغني حسن

<<  <  ج:
ص:  >  >>