للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالماء في كل وقت، وهناك نبع سيال له من طبيعته مدد لا ينقطع، فأيهما تراه أنفع وأفضل؟ إن الأدباء كذلك: فيهم من استفاد علمه وأدبه في كثرة الاطلاع، فهو مقيد بألفاظ محفوظة، وأفكار مسبوقة، وإذا جاء منه الجديد جاء بعد عناء. وفيهم من فطر على دقة الحس وسهولة الطبع، فهو يغرف من بحر متماوج بين وجدانه وعقله. كل أفكاره جديدة لأن شعوره الفطري يتجدد، ومن هؤلاء الفلاسفة من الشعراء والكتاب، وقد يكون بعض الشباب اليوم من النوع الثاني.

- هذا حق يا ولدي، ولكنك لا تستطيع إنكار فضل الكثير منا، فقد كشفنا لكم ظلمة الطريق وقدنا القافلة وسط تيارات من الشدة والظلم، حتى وصلنا بكم إلى النور، وحتى استطاع الابن منكم أن يجادل الوالد ويناقشه! واضطر الوالد أن يقبل منه النقد لأنه هو الذي هداه إلى سبيله!

- حقاً أنا وغيري لا نستطيع إنكار قدرة الأستاذ الزيات على حسن الصياغة ودقة المعنى وعبقرية الفكرة، وسهولة الدكتور زكي مبارك وجمال عبارته الفني الذي يخيل إلي أنه ينسجها من روحه ودمه، وتسلسل الدكتور طه حسين واختصاصه بأسلوب رائع، ومنطق الأستاذ أحمد أمين وحرصه على الفكرة، لا أستطيع أن أنكر هؤلاء جميعاً وغير هؤلاء لأني أبحث عن الحق، كما أني لا أستطيع أن أنسى الرافعي وسحر الرافعي وشوقي وحافظ والزهاوي، لا أستطيع أن أنكر فضلهم، كما أحب ألا ينكر منا النابغ. . . فقد كان منا الشابي وشقيقي الراحل؛ ولم يزل فينا صالح جودت، والعطار، ومحمود إسماعيل، ومختار الوكيل، والعوضي الوكيل. ولم يزل فينا الذي يقول:

قد عصرتُ الفؤاد خمرة وجد ... وسكبت العصير في شفتيك

فسكرنا من الغرام وجُنتَّ ... نشوةُ الحب من سنا عينيك

قبلات الهوى صلاةُ محب ... قيَّد الحبُّ أصغريهِ عليك!

والذي يقول

داعبت ثغرها بثغري وقالت ... دائماً أنت في ابتسام وفنَّ

قلت لا غرو لو تبسم ثغري ... مذُ رأى القلب في الضلوع يغني

ومنا الذي يقول:

<<  <  ج:
ص:  >  >>