للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكونغو متجهين إلى حدود مملكة واداي الغربية والجنوبية. وقد رأى السنوسي في سنة ١٨٩٨ أن يجمع في اتحاد واحد جميع البلاد المهددة من الزحف الفرنسي، ولذلك فكر في التحالف مع رايح الزبير وسلطان بجرمي ولم يكونا من أتباع السنوسية، ولذلك كان سعيه بلا نتيجة.

وفي واداي كان خلف السلطان يوسف وهو السلطان إبرهيم الذي تولي الملك سنة ١٨٩٨ يهمل نصائح الشيخ، متشجعاً في ذلك بهزيمة الخليفة عبد الله التعايشي في أم درمان. وكان رد السنوسي على هذا أن حرم على أهالي واداي تدخين التبغ وشرب المريسة (البيرة الوطنية) فأرسل السلطان إبراهيم إلى السنوسي بأن شعبه يحارب ويموت في سبيل المريسة، وأنهم قد ينبذون تعاليم السنوسية ليشربوها. وكان السنوسي المهدي حكيماً في تنازله عن رأيه، معلناً أن الله أجاب على صلاته بأنه جل شأنه قبل أن يستثني أهالي واداي من هذا التحريم. ولما توفي السلطان إبرهيم سنة ١٩٠٠ وقع خلفاؤه تحت سلطان السنوسي المهدي مرة أخرى

وفي سنة ١٩٠٠ غادر السنوسي واحة الكفرة إلى دار جوران على الحدود الغربية من سلطنة واداي، وهناك في جيرو على قمة التل الصخري أنشأ زاوية وحصنها تحصيناً قوياً رامياً بذلك أن يصد أو على الأقل يعوق تقدم الفرنسيين الذين قتلوا - في نفس هذه السنة - رابح الزبير في معركة واحتلوا بلاد بجرمي. ورأى الشيخ أيضاً أن يمنع الفرنسيين من احتلال قانيم وهي بلاد تقع في الشمال الشرقي من بحيرة تشاد على الحدود الصحراوية. وبذلك للمرة الأولى بدأ احتكاك السنوسية بالقوات الأوربية.

وقد كان هناك اعتقاد بين بعض الرحالة الفرنسيين والإنجليز أن السنوسيين ربما يعلنون حرب الجهاد وأنهم بذلك ينالون مساعدة جميع المسلمين في شمال وغرب أفريقيا، وهذا الاعتقاد كان بعضه مؤسساً على تعاليم السنوسية ذاتها والبعض الآخر على التخيلات المبالغ فيها من قوة السنوسيين.

وكان عدد محاربي السنوسية الذين يدينون بالطاعة للسنوسي مباشرة عدة آلاف قليلة. ولذلك كان السنوسي يعتمد على سلطته الروحية وتأثيره في هؤلاء الذين قبلوا تعاليمه بأن يأتمروا بما يريد ويستدل من تاريخ السنوسي الثاني على أنهما كانا دائماً في صف المدافع.

<<  <  ج:
ص:  >  >>