للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المحامي

جرائم أدبية!

هذا التعبير الفظيع هو الذي يصور ما أريد، وتلك الجرائم هي جناياتي على أدبي، الأدب الذي رجوت أن يكون صورة صحيحة لما يثور في القلب والعقل والوجدان، ثم لم يكن مع الأسف إلا شاهداً على أني أساير الناس وأصانع الزمان.

أقول هذا وقد مزقت بالأمس صفحتين أنشأتهما في لحظة صفاء، وقد عرفت أن أصحاب (الحب الغاضب) لا يزالون أحياء، وأنهم لم يكونوا غائبين، وإنما كانوا غاضبين ألم أقل لكم إن القطيعة المقصودة من فنون الوصال؟

ولا أعرف كيف مزقت هاتين الصفحتين وهما عُصارة قلبي وروحي؟

هل كنت أخشى أن تكونا وثيقة جديدة على أني رجلٌ مفطور الفؤاد؟

وما العيب في ذلك وما ظهر في الدنيا أديب بلا قلب؟

هل كنت أخشى أن يقول السفهاء إن أصحاب القلوب لا يصلحون لكبار الأعمال؟

وكيف أخاف أقوال السفهاء ومنهم عرفت أن التجريح لا يصوب إلا إلى الأديم الصحيح؟

أمثلي يخاف الناس وهو يعبد الله كأنه يراه؟

لقد فكرت في أمري مرات فوجدتني أصدق من توكل على الله، ورأيته عز شأنه يرعاني رعاية رفيقة هي البرهان الساطع على حمايته لأرباب القلوب.

فما خوفي من زماني، وأنا بفضل الله في أمان من مكاره الزمان؟

النفاق عمل ضائع، والمنافقون ضائعون، ولن يبقى في صحيفة الخلود غير القول الصادق الصريح، ولو كان في ظاهره رجساً من عمل الشيطان.

كنت أقسم ثم يسوقني الهوى إلى الحنْث، فلما أقسمت بالله الذي أقسم بالقلم لم يعرف الهوى كيف يسوقني إلى الخُلف في اليمين.

فهل أُقسم بالذي أقسم بالقلم لأفينَّ لوحي القلب أصدق الوفاء؟

أخشى أن تكون في صدري بقية من الشِّرك، وللشِّرك دلائل منها تهيب الناس، وأنا أكتم بعض آرائي عن الناس.

<<  <  ج:
ص:  >  >>