للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شبابتها السحرية في قلبي. لا تبكيْ يا طفلة، وتعالي إليَّ تعالي. إنك لتشبهين في نظري صرخة عالم ضائع، أو نشيد نجم جوال. إنك لتطيقين بذهني شيئاً أوسع من هذه الطبيعة سعة لا تحد. بل هو أوسع من الشمس والنجوم جميعاً. . . إنه لعظيم كالظلام، وإني لا أدرك كنهيه، ولم أدر ما هو، وذلك ما يبعث الرعب منه في نفسي، وعليَّ أن أفارقَك، فعودي من حيث أتيت يا رسالة المجهول

فاسنتي: لا تفارقني يا أبت، فإنه ليس لي في الدنيا من أحد سواك. . .

سانياسي: بل يجب علي أن أذهب. لقد حسبتُ أنني عرفت ولكني لما أعرف، ومع ذلك، فيجب أن أهتدي إلى العرفان؛ فأنا أغادرك لأعرف من عساك تكونين!

فاسنتي: أبت، إن غادرتني كنت في الهالكين.

سانياسي: أطلقي يدي ولا تمسكي بي، فإني يجب أن أتحرر

(يخرج راكضا)

- ٣ -

(يشاهد (سانياسي) الزاهد جالسا على صخرة في شعب جبل. يمر صبي راع مغنيا)

الأغنية: (لا تشح، يا حبيبي، بوجهك عني؛

(فهذا الربيع قد فتح صدره،

(وهذه الأزهار تبوح بمكنون سرها في الظلام.

(وحفيف أوراق الغابة يرتفع في الفضاء

(مثل ارتفاع حسرات الليل؛

(فتعال يا حبيبي، تعال وأرني وجهك. . .)

سانياسي: إن ذهب الأصيل ليذوب في قلب البحر الأزرق وهذه الغابة التي تقوم على سفح الأكمة ترشف آخر أكؤس أنوار النهار. تلك أكواخ القرية ترى إلى اليسار من خلال الأشجار، وكأن مصابيح المساء المضاءة فيها أم مبرقعة وقفت ترقب طفلها المستغرق في النوم

يا أيتها الطبيعة إنما أنت أمتي، لقد نشرت بساطك المهول في القاعة الفسيحة التي أجلس فيها وحيداً جلسة ملك، أرقبك تتراقصين وعلى صدرك تلتمع ونيتك المنظومة من النجوم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>