للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يهددهم حكام هذا الميناء أو ذاك بالاستيلاء على السفينة أو يضنوا عليهم بالزاد القليل!

وحب هذا الرجل للاستطلاع والقراءة لا يقل عن حبه لتتبع النقائص والعيوب، فهو هارب مهدد وفي حقيبته شيء عن ثاكري وشيء عن سقراط، وعقله مشغول بالحكمة السقراطية التي تعرف الجلد على الموت كما تعرف الجلد على الحياة.

أما بريستلي - وقد مثلت له رواية بدار الأوبرا في القاهرة - فهو يوشك أن يتجرد اليوم للدعوة في طريق الإذاعة

وجوليان هكسلي يود لو أنه ولد في سنة ١٩٢٥ ليفقه شيئاً عن هذه الحرب القائمة ويعيش فتياً في الفترة التي بعدها مشتركاً بعمله فيما يراه حقبة من أمتع حقب التاريخ

وجود الفيلسوف المخلص للفلسفات يعلن أنه طلق الفلسفة السلمية وآمن بأن الحرب واجبة للخلاص من الطغيان

وكنت أود أن أسمع شيئاً عن فئة من الكتاب العالميين غير الإنجليز، وأولهم الكاتب الفرنسي رومان رولان الذي كان له في الحرب الماضية شأن بين الفرنسيين كشأن برتراند رسل بين الإنجليز، ولكني لم أسمع عنه خبراً من الأخبار، ولعله قابع في سويسرا كدأبه حين يسأم النصح وينجو بنفسه من الكيد والضغينة

ومنهم موريس مترلنك البلجيكي وقد لاذ بالولايات المتحدة (خالي الوفاض بادي الأنفاض). . . كان له مال بمصرف بركسل فسقطت بركسل في قبضة الألمان؛ وكانت له دار وعقار في نيس فسقطت نيس في قبضة الألمان والطليان. . . وهو اليوم يستأنف العيش من جديد وقد بلغ الثامنة والسبعين!

أما راوية الألمان الكبير في الجيل الحاضر (ليون فيختوانير) صاحب القصص التي عرض كثير منها على اللوحة البيضاء بالقاهرة فنجاته من ألمانيا ثم من فرنسا رواية كأغرب ما كتب الرواة: فر إلى فرنسا ثم اعتقل فيها، ثم جاءه رجل لا يعرفه فاحتال على إخراجه من المعتقل في ثياب النساء، ثم إخراجه من ميناء طولوز بجواز منحول، ثم عبر به إسبانيا والبرتغال، ولم يكشف عن حقيقته إلا وهو في سفينة أمريكية يلجأ إلى الولايات المتحدة مع غيره من اللاجئين!

لكن العجيبة الكبرى من عجائب الأدب والحرب هي تلك العجيبة التي قرأناها عن إقليم من

<<  <  ج:
ص:  >  >>