للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فكرت قليلا وكتبت. والدولة التي تترك بعض الأدباء يموتون من الجوع هي الدولة التي تمن علينا بأنها أنشأت وزارة للشؤون الاجتماعية! ثم؟؟ ثم أحسست يدا تصدني عما أكتب بقسوة وعنف، فعرفت، أني في حضرة تلك الروح، وأن المقام لا يسمح بمثل هذا الكلام الحزين_ماذا قلت في؟ _قلت إنك غبية وحمقاء! _أنت وحدك الغبي، وأنت وحدك الأحمق! _هذه كلمة حق، لأني قضيت عشرين سنة في خدمة أمة لا تعرف أن القلم له حقوقه_وما شأن القلم فيما بيني وبينك؟ _القلم هو الذي يجرني أحيانا إلى نحاورة الحمقى لأدرس الغرائز والطباع ليكن ما تريد، أيتها الروح، فإشارتك أمريطاع أما بعد، وسيطول شقائي بأما بعد! أما بعد فقد حدثني الشاعر حافظ ابراهيم مرات كثيرة أنه كان يتمنى الاتصال بقصر جلالة الملك ليكون سفيرا بين القصر الرفيع والأدب الرفيع وقد مات حافظ قبل أن يظفر بتحقيق تلك الغاية، ولم نسمع أن رجلا فكر فيما فكر فيه حافظ، ولم يصل إلينا من قرب أو من بعد أن ناسا يسرهم أن يكون للأدب حظ من الرعاية والتشريف بقصر الملك، مع أننا في عصر فاروق بن فؤاد بن اسماعيل لقد شقى قلمي في الدعوة إلى أن يكون للأدباء مكان في الحياة الرسمية، لأنهم عنوان الحياة وزينة الوجود، ولأن آثارهم هي الباقيات لصالحات فوق جبين التاريخ. ثم انتهى الحلم، حلم اليقظة في يوم الميلاد، ورجعت تلك الروح إلى بلدها البعيد، وبقيت حيث كنت أعاني بلاء الهجر وعناء الصدور أيها البلد الذي لا أسميه تخوفا من الرقباء! فيك أيها البلد الجميل روح لطيفة يصلني برها من وقت إلى وقت، فيك روح لا تحتفل بعيد الهجرة ولا عيد الميلاد، ولكنها تذكرني في عيد الهجرة وعيد الميلاد، لأنها تشعر باحتياجي إلى البر في مواسم الأرواح والقلوب أيتها الروح، أنا مشتاق إلى مصدر الوحي، فمتى تعودين؟ أنا في دنياي غريب، أيتها الروح، وأنت البلسم الشافي لوحشة الغريب هو عيد الميلاد، ولكن أي ميلاد؟ هو ميلاد الحب الصادق، فتلك أول مرة مسحت فيها دموعي بأناملك اللطاف، يا حجتي الباقية على أن الهوى إله معبود

زكي مبارك

٢ - أومن بالانسان!

للأستاذ عبد المنعم خلاف

<<  <  ج:
ص:  >  >>