للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عليه. وأرخص ما في المدينة الطعام ولا سيما اللحم - فالبلاد بلاد سهول ومراعي_وهم في طعامهم أقرب إلى الشرقيين منهم إلى الغربيين. ولعل ذلك يرجع إلى عهد الأستعمار التركي. وأظهر مشروبهم البيرة والنبيذ والسويكا_وهو الشراب الوطني للبلاد_وقلما تخلو مائدة من إحداها

هذه هي بوخارست أو باريس الصغيرة كما يسمونها، مدينة المرح والحياة والجمال. وهذا بعض حقها عليً، وإنه ليعزًعليً وعلى عارفيها ما نالها من محنة، ولنا فيها ذكريات وأصدقاء وأحباب، خفف الله عنها وعنهم، وأجمل لهم العزاء

(فتحي)

(القاهرة)

وحي العلم الجديد

إنسان وحيد في العيد

في ليلة من ليالي هذه الأيام الأخيرة من ديسمبر، أيام الوداع والرجاء، وداع عام مضى ورجاء عام جديد، جلس إنسان وحده في حجرة باردة، طقسها بارد ولكنها حارةً الذكريات

إنسان وحيد جلس يكتب فلم يستطع، ما يحسه في قلبه لا يستطيع أن يكتبه، وما يكتبه يجده بعيدا غريبا عما في قلبه وصدره. ما يكتبه يجده بارداّ كصورة الصورة الحريق واللهب والبركان على قطعة من الشمع الملون، وفي شعر هندي يقال: (مات المعنى الحيً حين احتواه اللفظ. ينطق اللسان فضلة ما في القلب)

إنه يجلس إلى الراديو يدير مفتاحه، ينتقل به من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، فلا يسمع إلا الرقص والغناء والموسيقى. الأحاديث لا يسمعها، يمر عليها في مفتاح الراديو، كما يمر الشهاب في السحاب

الدنيا كلها تغني وسط هذهالمذبحة البشرية، والناس كلهم يرقصون على دقات الجاز الصاخب وعلى أنغام الفاس الهادىء الناعم كأحلام الصفاء في آخر الليل، وبعض الناس في هدوئهم وسمت وقارهم وصفاء قلوبهم ينشدون ويرتلون. أولئك هم المتوجهون إلى الله في السماء

<<  <  ج:
ص:  >  >>