للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خفنا أن تكون هذه حيلة بارعة لتبعدنا عن المزرعة، فعدنا إلى مكاننا وأعيننا لا تتحول عن سهام النيران الحامية. . .

وانقطع صوت النار وبقى صوت الكلاب، وأخذ نباحها يقترب منا. . . ثم برز شبح في الظلام، فصوبنا بنادقنا وهتفنا بالقادم. . . فرد علينا إسماعيل (أحد رفاقنا) بصوت أجش. . . واقترب منا وهو يلهث، ووجهه يتصبب عرقاً، وغدارته تفوح منها رائحة البارود. . .

فصحنا في صوت واحد

- هل أصبت. . .؟

- لا ولله الحمد. . . وإنما كدت أن أقتل. . . وكل ذلك بسبب هذين الملعونين. . .

واستطرد وهو يشير إلى واحد من الكلبين

- لن ترافقني مرة أخرى يا مسعود!

فسأله رفيق له:

- هل مررت على القرية؟

فأجاب في إيجاز متعمد:

- أجل. . .

- وهل كان من الضروري ذلك في هذه الساعة من الليل. . .؟

- أجل. . . كنت في حاجة إلى تبغ. . .

- أكنت في حاجة إلى تبغ أم كنت في حاجة إلى شيء آخر. . .؟

فصمت ولم يجب على أن وجهه كان ناطقاً بفعلته. . .

وسأله أحدنا مازحاً:

- أكنت تعس حول المزرعة أم كنت تسطو على بيوت الناس؟. . . هكذا والله هي الحراسة. . .

وضحكنا جميعاً، وعدنا إلى مكاننا الأول من الحقل، وجلس إسماعيل ناحية، وأخذ يمسح بندقيته، وعلى وجهه سمات من ارتد خائباً بعد جهاد طويل

وسأله أحدنا:

- ولكن لماذا أطلقت النار. . .؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>