للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأيت نفسي أقول في غضب بصوت المحموم:

- سأغادر الغرفة يا سيدي. . .!

فنظر إلي الرجل دهشاً. . . وقال وهو يصعد في بصره:

- ستغادر الغرفة! ما السبب يا سيدي! ما الذي جرى؟

- أثاث الغرفة رث. . . ثم هي بعد ذلك متناهية في القذارة

- كيف ذلك يا سيدي وقد جئنا لك بكل شيء جديد؟

- أبداً إنها غاية في القذارة

وتدفق من فمي كلام لا أعرف له مرمى وكان لا بد من ذلك لأنجو بأعصابي

وعدت إلى غرفتي وأنا لا أكاد أتصور شيئاً مما حدث، ولازمتني حالة من الهدوء غريبة. . . ثم لبست ملابسي وخرجت إلى الطريق. . . وهنا عادت إليً الخواطر وأخذت أتصور الموقف على شناعته وحال الزوج بعد أن يرجع إلى نفسه ويدرك أني كنت متهجما على مخدع زوجه. . . وواضعاً يدي على سريرها. . . وجسمها. . .!

وظللت جزءاً كبيراً من الليل وأنا متردد بين العودة إلى المنزل أو إيفاد صديق ليجيء لي بمتاعي وكتبي. . . ثم رأيت الرأي الأول واتجهت صوب البيت وأنا مقدر كل الأحداث. . وكان الزوجان قد ناما. . . وبقيت أساهر النجم حتى الصباح. . .

ورأيت الزوجة في اليوم التالي جالسة تقرأ في كتاب على أريكة في الردهة. . . فمررت بها وأنا أذوب خجلاً. . . وتطلعت إلى وجهها فرأيته لا ينم على شيء مما حدث بيني وبين زوجها، فقد كانت تبتسم في مرح. . . فغاظني هذا وبلغ مني الألم مبلغه

وقضيت بعد ذلك أياماً في البيت ونظري لا يقوى على مجابهة الرجل، وكان يغيظني منه بروده وهدوءه وامتلاكه زمام أعصابه وكنت أتخيل أنه بلغ مبلغاً هائلاً من خبث الطوية وبراعة الحيلة وأرى في صمته تبييتاً لأمر في نفسه، وكنت أود لو يثور ويضاربني وتنتهي المعركة بيننا مع أسوأ الفروض

وجاءت عطلة العيد فبارحت الغرفة إلى الريف ولم أعد إليها بعد ذلك أبداً. . . تركتها مخلفاً فيها أمتعتي وكتبي. . . وهي تذكار دائم على أيام هنية

ولا زلت أرى المرأة وزوجها كلما ذهبت إلى القاهرة. . . وأغلب الظن أنهما لم يغيرا

<<  <  ج:
ص:  >  >>