للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والوزراء وسفراء الممالك الإسلامية.

وحفلة عيد الهجرة في الجامع الأزهر بالقاهرة تذكِّر بصلاة (الجمعة اليتيمة) في جامع عمرو بالفُسطاط. فالجمعة اليتيمة يحضرها ملك مصر في كل سنة باحتفال جليل في جامع عمرو، لأنه أول مسجد أُسس في الديار المصرية بعد أن فتحها عمرو بن العاص؛ وكذلك ظفر الأزهر بمنغم جديد هو جعله بصفة رسمية مكان الاحتفال بهجرة الرسول.

ولكن بقي شيء وأشياء.

بقى التفكير في جعل هذا العيد موسماً حيويًّا يتصل بأذواق الناس في فنون المعاش؛ ولا يكون ذلك إلا يوم يصبح هذا العيد وله فَرحة دنيوية تشبه فرحة الميلاد في الغرب، وفرحة النيروز في الشرق. وهذه الفرحة لا تتمَّ إلا إذا وصلناه بحياتنا الاجتماعية، فمنحناه فرصة من الوقت تسمح بأن تكون أيامه مجالاً للهدايا والرحلات والانشراح

من الجميل حقاً أن يبكِّر إمام جلالة الملك فيصلي الصبح بمسجد الحسين، ثم يخطب في الناس مذكراً بما عانى الرسول من مكاره الاغتراب في سبيل الدين. ومن الجميل حقاً أن يخطب شيخ الأزهر بعد صلاة المغرب مذكراً بفضل الأذى في إذكاء الأرواح والقلوب

كل أولئك جميل، ولكني أعتقد أنه لا يصيَّر هذا السيد موسماً شَعْبياً بالمعنى الذي نريد، كموسم (المولد النبوي)، وهو موسمٌ اتصل بأذواق الناس إلى أبعد الحدود، وإن لم يصل إلى الغاية في خلق فنون أدبية تذكِّر بالفنون التي خلقها النيروز في العصور الخوالي

فما الذي يمنع من أن تفكر وزارة الشؤون الاجتماعية في تنظيم عيد الهجرة تنظيماً دنيويًّا بعد أن فكرنا في تنظيمه تنظيماً دينياً؟

عيد الميلاد في الغرب له تقاليد دنيوية هي السبب الأكبر فيما له من جاذبية، فكيف يفوتنا أن نجعل لعيد الهجرة تقاليد دنيوية بخصائص تغاير خصائص عيد الميلاد؟

قد يقال إن قرب عيد الهجرة من عيد الأضحى يمنع الحكومة من السخاء بالامتيازات التي تجود بها في الأعياد، وهذا حق، ولكن لا بدّ من التفكير في خلق أسلوب جديد يجعلنا نشعر في أول ليلة من المحرّم بأننا مقبلون على عيد سعيد

تعوّد المصريون أن يذكروا موتاهم في الأعياد الإسلامية، وبذلك ضيعوا على أنفسهم فرصة الانشراح في ليالي الأعياد، فهل يكون عيد الهجرة فرصة لموسم جديد لا تزرف فيه

<<  <  ج:
ص:  >  >>