للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[وداع الشكر]

للشاعر الفرنسي لامرتين

كان لامرتين من أعظم شعراء فرنسا في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر وهو غني عن التعريف، وتعد آثاره الأدبية من أنفس ما أبدعه الخيال الرائع.

ومن تلك الآثار قصيدة بديعة نسج بردها يوم كان ملحقاً بمفوضية فرنسا بنابولي عام ١٨٢٠ حيث كان انهماكه في تحبير الرسائل الدبلوماسية يحول بينه وبين استرساله في قرض الشهر فأفرغ في هذه القصيدة وداعه للشعر.

(المترجم)

لما اعتزمت اعتزال الشعر خالجني ... موطد العزم لكن خاب تصميمي

ودعته صادقاً لكنما عرضت ... منازع الفكر تدعوني لترنيم

تألبت وهي شتَّى في بواعثها ... وطالما ناشدتني نظم تلحيني

هناك في ساعة حل السكون بها ... في وحدة الصمت عاد الشعر يغريني

حيث الوجود حليف النوم أجمعه ... حتى الأماني استكنَّت في زواياها

في غابة برزت كالطيف ثابتة ... فما تهادى نسيم في حناياها

هناك مرحلة في العمر شاردة ... كأنما النفس فيها نفس وسنان

فلا التنفس في الأحشاء منسجم ... ولا الحماس لقرض الشعر ناداني

والطير وهو الذي يضُفي ببهجته ... على الرياض سروراً بالغ الأثر

لا ينجلي ساجعاً في كل آونة ... وفي الظهيرة يهوى ظُلَّةَ الشجر

فإِن بدا الفجر ناغى الكون مبتهجاً ... وفي الغروب يناجي دورة الفلكِ

يشف تلحينه في الصبح عن طربٍ ... وفي المساء يناغي وحشة الحلكِ

ربابتي، ساعة الهجران قد أزفت ... لكِ الوداع إذن من مغرمٍ دَنِفِ

يا من تنَهُّدِكِ المشجي يثير جَوىً ... وكم يثير وداعي بالغَ الأَسَفِ

أنَّي تلامس كفي منكِ ناصيةً ... ولم يزل باكياً من شجوه الوتَرُ

قد أقبلت ساعة التوديع مسرعةً ... فهاكِ عَبْرَةَ ودٍّ وهي تنهمر

<<  <  ج:
ص:  >  >>