للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التقاطها أفراد الفريقين الآخرين.

وكان كل من الصبيين والبنتين والعجوز يزحم الآخر ويسابقه في نبش كومة جديدة من الكناسة فإذا عثر أحدهم على لقمة كبيرة نوعاً لاح في وجهه مثل ما يلوح في وجه الباحث عن الذهب في أرض الذهب إذا التمع في عينيه عرق من المعدن النفيس؛ ويقذف الصبي باللقمة في حجره وقد زادها قيمة عنده أنها خلصت له من قرنائه ومن القطط الثلاثة ومن الكلبين.

ومرت بي أثناء ذلك بعض السيارات الفخمة تحمل أنماطاً من سراة القوم، ومن هؤلاء من لاحظت أن عيونهم رأت ما رأت عيناي إلى جوار صندوق القمامة، ولكني لم أتبين في وجه من هاتيك الوجوه الناعمة الراضية أية اختلاجة من أسف أو من رثاء. أجل لم أتبين في هؤلاء السادة (عبيطاً) مثلي يرى في ذلك المنظر ما يستوقف بصره. وإذ ذاك ازداد رثائي ضعفين على أولئك التعساء الذين يشاركون الكلاب والقطط في نبش الكناسة وليس يملك مثلي لهؤلاء إلا العطف والرثاء.

ألا ليت أولئك السادة انتبهوا ففطنوا إلى أن هؤلاء الذين نزلوا إلى مستوى الكلاب ينتمون إليهم في (آدميتهم) وانهم في هذا الوضع يشينون الجنس كله. قم ألا ليت أولئك السادة تذكروا أن القليل مما ينعقون في شهواتهم كفيل بأن يقضي على أمثال هذه المناظر إن كان يهمهم القضاء على تلك المناظر. . .

آه. . . ليت أولئك السادة حين تقع أعينهم على بنيهم وبناتهم إذ يلقونهم فرحين بما يتقلبون فيه من نعمة، يذكرون انهم رأوا بنين وبنات من تعساء الإنسانية تلتقي أيديهم الهزيلة بأرجل الكلاب والقطط في نبش صندوق القمامة.

الخفيف

<<  <  ج:
ص:  >  >>