للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والإصلاح الخامس يقرر إدخال دروس ومحاضرات جديدة في علوم: التاريخ والتاريخ الطبيعي والرياضيات والجغرافيا والفلسفة والاجتماع وما إلى ذلك من العلوم التي كان قد أهمل تدريسها بالأزهر إلى ذلك الحين.

ويلاحظ أن تلك الإصلاحات المتواضعة لم يستطع الشيخ محمد عبده أن ينفذها جميعها لمقاومة الشيوخ إياها، إما عن سوء قصد أو سوء فهم، فضلاً عن وقوف الخديو نفسه حجر عثرة في وجه المشروع انتقاماً من الشيخ محمد عبده - كما سنرى - ولكن ما نفذ من الإصلاحات المقترحة لم يخل من أن يحمل ثمراً طيباً: فقد شوهدت في طلبة الأزهر إذ ذاك حماسة جديدة، ودبت فيهم روح فتية، وشاعت عندهم رغبة في التوسع في التحصيل واستيعاب البرنامج التعليمي. وربما كان من الميسور اطراد ذلك التقدم لولا قيام مصاعب جديدة لم تكن في الحسبان.

والواقع أن الشيخ محمد عبده إذا كان قد استطاع أن يضع مشروعاً كاملاً للإصلاح، فذلك لأنه كان يحس بأن من ورائه سلطة الخديو تؤيده. هذا إلى أن شيخ الأزهر الشيخ حسونة النواوي كان يشاطر الشيخ محمد عبده كثيراً من آرائه. ولكن سرعان ما تبدل موقف الشيخ حسونة عندما ظهر له أن الشيخ محمد عبده لم يكن من أهل الحظوة لدى الخديو عباس. ولما عزل الشيخ النواوي، حل محله الشيخ سليم البشري، وكان رجلاً محافظاً مناوئاً لكل فكرة عن التجديد. ومع ذلك، فقد حظي هذا الرجل برعاية الخديو، وصدر قرار بإلغاء الإعانات التي كانت تعطى للطلبة المتفوقين. وكان معنى هذا العدول عن عقد الامتحانات السنوية. ولكن الشيخ سليم البشري اخذ يعود شيئاً فشيئاً إلى آراء الشيخ محمد عبده. وفترت علاقات البشري بالخديو فعزله دون أن تذكر أسباب العزل في المرسوم الصادر بذلك.

ومنذ ذلك الحين اصبح منصب شيخ الأزهر شاغراً. وكان لابد من اتفاق الحكومة المصرية مع ممثل الاحتلال الإنجليزي على تعيين من يشغل ذلك المنصب؛ فعرضت المعية السنية على الحكومة - بواسطة اللورد كرومر - أسماء طائفة من مرشحيها ومن بينهم الشيخ حسونة النواوي - وكان قد عاد إلى الحظوة لدى الخديو - والشيخ محمد بخيت الذي كان معروفاً بعداوته الشيخ محمد عبده، والشيخ محمد راشد الإمام الخاص للخديو، والشيخ أحمد

<<  <  ج:
ص:  >  >>