للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البؤساء]

لفكتور هوجو

في سنة ١٨٦٢ اخرج فكتور هوجو روايته الخالدة (البؤساء) وكان قد لبث مدى ثلاثين عاما يفكر في أن يكتب كتابا في صنوف البؤس التي يعانيها الشعب ويستجمع له شوارد نظرياته الأخلاقية والسياسية فلم ينضج مشروعه إلا بعد أعوام طويلة من التأمل والبحث، وكان مشروع كتابه الأول يتألف من أربعة أقسام بسيطة هي:

قصة قديس (وهو الراهب ميريل) وقصة رجل (وهو جان فالجان) وقصة امرأة (وهي فانتين) ثم قصة دمية (وهي كوزيت).

ونظم فكتور هوجو هذه الأقسام الأربعة في سلك رواية طويلة متناسقة ساحرة البيان والمعنى، تثير في كل موقف من مواقفها وكل صفحة من صفحاتها أسمى العواطف الانسانية، وتبعث فيه كوامن الإشفاق على جان فالجان الذي دفعه البؤس وحده إلى سرقة رغيف من الخبز، والذي ينبض فيه قلب رجل خير كريم مخلص، والإشفاق على فانتين تلك الفتاة المسكينة التي أغويت ثم نبذت والتي تبيع حتى شعرها وأسنانها لتطعم ابنتها، ولا تبيع شرفها إلا نزولا منها على حبها الأموي، والإشفاق على تلك الصغيرة المسكينة التي تعاني على يد أسرة تاردييه أمر ضروب الاضطهاد والذلة، ثم الإشفاق والحب نحو البؤساء والمساكين الذين يمثلهم القس ميريل، وصلابة الواجب الذي يفهم على غير وجهه في شخص الشرطي جافير.

وهيكل القصة الأولى مؤثر، فهو يتلخص في مكث جان فالجان بالمنفى وفي تحريره، وفي توبته وعيشته رجل خير محب للإنسانية في معمل الزجاج، ثم موت العاملة فانتين، ودخول ابنتها كوزيت في أسرة تاردييه، ثم قضية شان مايتو واتهام جان فالجان لنفسه وتسميه باسم مادلين، ثم أعادته إلى المنفي حيث يفر فيطارده الشرطي جافير ويلتجئ إلى محلة (بتي بكبيس). وتسير القصة بعد ذلك في نسق رواية بوليسية يتخذ معظم أشخاصها أسماء مستعارة وتكثر فيها المفاجئات الغريبة وتأخذ القارئ أخذا عنيفا بمواقفها الشائقة.

وقد عنى فكتور هوجو بأن يلزم جانب الحقيقة دائما في قصته وان يقدم فيها لقارئه أشخاصا حقيقين وأوصافا دقيقة، وحوادث معقولة، فأما القس ميريل فهو يمثل شخصية

<<  <  ج:
ص:  >  >>