للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التي تروقهم، وفي الأزمان التي يحددونها؛ ذلك بأنهم مسوقون إلى العلم بعوامل شخصية لا تمت إلى إرادة العلم والتثقف وخدمة الدين والقرآن بأدهى الأسباب

يحسن بعد هذا أن نتحدث عن موقف طائفة أخرى من القرآن - زعمت لنفسها ثقافة خاصة وأخذت تستند إليها في فهم القرآن وتفسير آياته؛ تلكم هي طائفة المثقفين الذين أخذوا بطرف من العلم الحديث وتلقنوا أو تلقفوا شيئا من النظريات العلمية والفلسفية والصحية وغيرها ثم نظروا في القرآن فوجدوا الله سبحانه وتعالى يقول: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) فتأولوها على نحو زين لهم أن يفتحوا في القرآن فتحاً جديداً. فسروه على أساس من النظريات العلمية المستحدثة، وطبقوا آياته على ما وقعوا عليه من قواعد العلوم الكونية، وظنوا انهم بذلك يحترمون القرآن، ويرفعون من شأن الإسلام، ويدعون له أبلغ دعاية في الأوساط العلمية والثقافية

نظروا في القرآن على هذا الأساس فافسد ذلك عليهم أمر علاقتهم بالقرآن وأفضى بهم إلى صور من التفكير لا يريدها القرآن ولا تتفق مع الغرض الذي من أجله أنزله الله

فإذا مرت بهم آية فيها ذكر للمطر، أو وصف للحساب، أو حديث عن الرعد أو البرق، تهللوا واستبشروا وقالوا هذا هو القرآن يتحدث إلى العلماء الكونيين ويصف لهم أحدث النظريات العلمية عن المطر والسحاب وكيف ينشأ وكيف تسوقه الرياح.

وإذا رأوا القرآن يذكر الجبال أو يتحدث عن النبات والحيوان وما خلق الله من شيء قالوا: هذا حديث القرآن عن علوم الطبيعة وأسرار الطبيعة

وإذا رأوه يتحدث عن الشمس والقمر والكواكب والنجوم قالوا هذا حديث يثبت لعلماء الهيئة والفلكيين أن القرآن كتاب علمي دقيق!

ومن عجيب ما رأينا من هذا النوع أن يفسر بعض الناظرين في القرآن قوله تعالى: (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين، يغشى الناس هذا عذاب أليم)، بما ظهر في هذا العصر من الغازات السامة والغازات الخانقة التي أنتجها العقل البشري فيما أنتج من وسائل التخريب والتدمير في هذا الزمان!

يفسرون الآية بهذا ويغفلون عن قوله تعالى بعدها: (ربنا اكشف عنا العذاب أنا مؤمنون، أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين، ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون)، مما يدل على

<<  <  ج:
ص:  >  >>