للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الواحدة، وكما يبقى بين القوى المتنازعة في الفرد الواحد: بين العقل والعاطفة والغريزة لأن الدفع قانون طبيعي كقانون الجذب. . . ولكنه دفع لا يفلت من قانون القوة والقهر، كما هو الحال في الدولة الواحدة القوية التي لا يفلت منها من يريد الخروج عليها

أن نفوس الأجناس وطبائعها تتغير تغيراً سريعا من التمايز إلا الاندماج والاتحاد. فلم يبق في الولايات المتحدة أجناس، وإنما صارت كتلة واحدة بمرور جيل أو جيلين وبتوحيد اللغة. . .

والولايات المتحدة خميرة للحياة الإنسانية المقصودة، هي نموذج ناقص ولكنه أقرب إلى الكمال؛ وكان من الواجب أن يحذو العالم القديم حذو هذا العالم الجديد السعيد، ويترك مواريث التاريخ السيئة وعصبيات الأجناس ونعراتها، ويتفق على الحد الوسيط الذي يرضي الجميع مع التضحية ببعض الاعتبارات والحريات

أوربا ولدت أمريكا. . . والبنت هنا أعقل من أمها وأسعد. فلا تزال القارة العجوز تحتفظ بأحقادها القديمة ومواريث تاريخها السيئ في عالم الحسد والبغض والخديعة والبطش والتنازع. . . ولا تزال تشقى الأرض كلها معها. . . بينما أمريكا تسعدها وتجدد الحياة يوماً بعد يوم، وتنثر الأفراح والمباهج في كل مكان. . .

لقد برئت أمريكا من حب الاستعمار والتنازع عليه، فبرئت من السعار المادي الذي يصاحبه، وبرئت من الصفات الذميمة التي تصاحب خلق الافتراس. . . وصارت حبيبة إلى جميع أمم الأرض. . .

اتخذت الطريق المشروع إلى الغنى والثروة، وهو طريق التجارة والمنافسة المحمودة واستغلال الموارد الطبيعية، لا طريق الغصب والغلاب. . . فعاشت تجمع وتعيش بما تجمع وتوزع منه على مؤسسات البر والعلم في بقاع الأرض، ثم لا تفجع فيما تجمع ولا تحترق وتدمر معه كما جرى لأمم أوربا الآن. . .!

لقد خطا الإنسان بإدراكه عقيدة توحيد الله خطوته العظمى إلى الكمال العقلي والقلبي، حين رأى أن العالم كله يساق بيد واحدة، وتوزن أموره بميزان رب واحد. . .

وسيخطو خطوته العملية والعلمية العظمى، حين يدرك (الإنسانية الواحدة) ويؤمن بها؛ وكما حلت عقيدة توحيد الإله مشاكل العقيدة ووجهت الحياة وجهة واحدة بعد أن كانت موزعة

<<  <  ج:
ص:  >  >>