للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى ينظر في الكتاب، فإذا نظر فالنتيجة محتمة، وإذا لم ينظر فالنتيجة هي هي ايضا، وهي العصا.

هذا ما كان يشعه على الدكتور زكي، فلما قرأت كتابه النثر الفني تأكد هذا المعنى وتجسم، وما ادري أقرأت الكتاب بهذه العين التي تكونت، أو قرأته محايداً وقراءته زادت هذا المعنى وضوحا.

تجلى هذا المعنى في انه يعرض آراء قيمة وأفكارا عنى بدرسها ثم إذا به يطفر فيحتك بمؤلف أو كاتب فلا ينقده نقد عالم لعالم ولكن نقد مصارع لعالم. إن شئت فأنظر إليه وهو يعرض لرأي الأستاذ مرسيه - أستاذه وشيخ المستشرقين في فرنسا - إذ يقول (وهناك رأي مثقل باوزار الخطأ والضلال وهو رأي المسيو مرسيه ومن شايعه) ثم تقرأ رأي الأستاذ مرسيه ومن شايعه، فإذا هو رأي جدير بالاحترام باعث على التفكير، صالح لحسن التقدير، وهبه كان رأيا سخيفا وفكرا تافها، وقولا لا يؤبه له، فليست هذه لغة العلماء في النقد، ولا طريقتهم في الرد.

نعم قد يكون نقدهم في بعض الأحيان لاذعا، ولكنه - على كل حال - يصاغ بلباقة، وقد جرى المؤلف على هذا السنن مع الأستاذ مرسيه وغيره مما لا شأن لنا بتفصيله، ومما يزيد الأمر عجبا انه شديد قاس في بعض النقد - كما رأيت - ولطيف لبق في البعض الآخر، ولا ندري من الناحية العلمية لم كان لطيفا لبقا هنا، وقاسيا صارما هناك، فقد قلبنا الأمر على وجوهه فلم نجد ذلك يرجع إلى قوة رأي مخالف وضعفه، ولا قوة الحجة وضعفها، إلا أن يكون لشيء غير الرأي وغير العلم وهذا ما لا أدريه.

كذلك آخذ عليه أشياء لم تتفق والذوق قرأتها فضربت أذني وانقبض خاطري. مثال ذلك ما جاء في صفحة ٩ و ١٣ وذيل ص ٦٠ و ٦١ وذيل ٦٥ الخ.

ثم هندسة الكتاب لم تخل من نقد ولم يشع فيه التناسق، فحجرة صغيرة وحجرة كبيرة، بل وحجرة لم تكن كان يجب ان تكون، وباب كبير وباب صغير، وقد يكون هذا معقولا إذا دعاه الحال واقتضاه المقام، ولكن لم يكن كذلك في هذا الموقف، فقد تحدث مثلا عن المقامات ونشأنها فأفاض وانفق عن سعة، ولم يحدثنا كثيرا عن رسائل إخوان الصفا ونشأتها. قد يتبادر إلى الذهن انه عنى بالمقامات لأنها الصق بالأدب، ولم يعن برسالة

<<  <  ج:
ص:  >  >>