للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجنسين، وهي شيخوختها وفقدانها المزية الجنسية قبل أن يفقدها الرجل بعشرات السنين، لأن الولادة تجهدها وتضنيها وتجور على محاسنها وقواها

على أن الطبيعة قد عوضتها عن هذا أنها تستغرق في الجنس وتستغرق في الحب وتستغرق في الأمومة، فهي تأخذ في أربعين سنة من نصيب الشواغل الجنسية وشواغل النسل ما ليس يأخذ رجل في ثمانين، لانصرافه إلى ما عدا ذلك من فروض الحياة.

وبحث آخر قد حركته الأسئلة التي أثارتها كتابتي عن موضوع الزواج، وهو تشجيع الزواج بالقوانين أو بفرض الضرائب على العزاب

وعندي أنه رأى خاطئ من شتى الوجوه، لأنه يستبقي عيوب الزواج التي ينبغي أن تزول، ولعلها لا تزول إلا بالإعراض عن الزواج في بعض الأحوال

مثال ذلك عيب المغالاة بالمهور، فلو أن القوانين أكرهت الناس على الزواج لبقى هذا العيب ولم يشعر أحد بضرورة العدول عنه كما شعر الأكثرون في مصر من جراء الإعراض عن مرهقات الزواج وفي مقدمتها المهور. ولقد بلغ من شعورهم به أن بعض الموسرين جعلوا من أنفسهم قدوة للفقراء بالإقلال من قيمة المهر حتى نزلوا به إلى دراهم لا تتم الدينار

ومثال ذلك عيب الإغراق في الحجاب والتهاون في تزويد الشابات بمحاسن التعليم والتجميل التي ترّغب فيهن الشبان. فلولا الإعراض عن الزواج حيناً لما التفت أحد إلى هذا العيب، ولوجب على الشاب أن يتزوج بحكم القانون لا بحكم التفضيل والاستحسان. وهل يجيء التفضيل والاستحسان إلا من التنافس في الفضائل والحسنات؟ وهل يجيء التنافس في الفضائل والحسنات إذا أكره الناس على الزواج وكان الباعث لهم إليه أنهم يفرون من وطأة الضرائب وفرائض الإلزام؟

ومثال العيوب التي يبقيها التشجيع على الزواج بالدوافع المصطنعة والزواجر القانونية عيب العرف الذي تتبعه الفتيات في تفضيل شاب على شاب وصناعة على صناعة

فالقانون يفرض الضريبة على الشاب الذي لم يتزوج ولا يفرض مثلها على الفتاة التي ترفض هذا الفتى لأنه تاجر وليس بموظف، أو ترفض فتى غيره لأنه موظف وليس بضابط، أو ترفض فتى آخر لأنه سيقيم في الأقاليم ولا ينوي الإقامة في العواصم، وليس

<<  <  ج:
ص:  >  >>