للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المواقف، والصديق الذي لم أر منه ما يسوء على كثرة ما عانيت من تغير الأصدقاء

كان الشيخ النجار يتأدب بالأثر الذي يقول: (أطلب العلم من المهد إلى اللحد) فلما دعي لتدريس التاريخ الإسلامي بالجامعة المصرية سنة ١٩١٨ أخذ يواظب مع الطلبة على دروس اللغة العبرية، وقد عرف منها اكثر مما عرفت، مع أنه لن يُسأل معي أمام لجنة الامتحان!

وحين شبت الثورة المصرية في سنة ١٩١٩ تفضل فدعاني ليحدثني أنه يريد أن يؤرخ أيام الثورة على طريقة (الجبرتي) بكتاب يسميه (الأيام الحمراء). ورجاني أن أقدم إليه أخبار الأزهر يوماً بيوم، وكان الأزهر ملتقى الوفود في تلك الأيام والذين نعوا الشيخ النجار في الجرائد اليومية وتحدثوا عن مؤلفاته نسوا الحديث عنها الكتاب، لأنه غير مطبوع، فليعرفوا أني أشرت إليه مرة في جريدة البلاغ، فاهتم الأستاذ عبد القادر حمزة بأمره وطلبه من الشيخ لنشره مسلسلاً على صفحات البلاغ. وقد نشر بالفعل منذ بضع سنين، فأكبر خدمة يؤديها أصدقاء الشيخ النجار لذكراه هي جمع تلك الصفحات في كتاب، لأنها أعظم وثيقة كتبها مؤرخ شاهد الحوادث في سنة ١٩١٩

لا ذنب لي. . .

لم تصلح الأيام ما في ذاكرتي من الشذوذ الفظيع: فهي ضعيفة كل الضعف فيما يتصل بالأرقام والأعلام، وهي قوية كل القوة فيما يتصل بالحوادث والمعاني؛ فأنا قد أتمثل حادثة بظروفها وأحوالها في غاية من التدقيق، كأني شهدتها بالأمس، ولكني أنسى اليوم الذي وقعت فيه، وقد أنسي العام والعهد؛ ففي أي يوم أو أي عام أو أي عهد وقع الحادث الذي أروى خبره في العبارات الآتية:

أنكر وزير المعارف في عهد سلف - وذاكرتي تزعم أنه مصطفى ماهر باشا - أنكر ذلك الوزير أن تكون (دار العلوم) مدرسة عالية، لأن طلابها لا يدرسون إحدى اللغات الأجنبية ولأنهم لا يجيدون غير تصريف افعوعل وافعنلل؛ وأنبني على ذلك أن ينكر حقوقهم في (تعديل الدرجات)

فماذا صنع الشيخ النجار في دفع ذلك التحامل البغيض؟

كتب سلسلة من المقالات في جريدة الأهرام تحت عنوان:

<<  <  ج:
ص:  >  >>