للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المستخدمين في المصارف والمتاجر وغيرهم ويضطرهم إلى الإذعان لاستبداد الرؤساء وإلى القناعة بالدون من المرتبات

وإذا كانت مصالح الفلاحين والعمال وصغار المستخدمين والعاطلين من متعلمين وعمال مترابطة كما نرى من هذا التحليل، فمما يؤسف له أنه لم يظهر حتى الآن اتجاه نحو توحيد الصفوف بين هذه الطبقات. فما زال العمال بعيدين عن التفكير في حال الفلاحين؛ وما زال صغار المستخدمين بعيدين عن الاهتمام بالحركة العمالية، بل ما زال المتعلمون العاطلون أفراداً منعزلين لا تربطهم هيئة منظمة، وما زال طلبة المدارس الموشكون على التخرج منصرفين عن دراسة المشاكل الاقتصادية التي تهدد مستقبلهم

ونحن نعلم أن قلوب المتعلمين والعمال العاطلين طافحة بالسخط والحقد، وأن بين العمال نفوساً متوثبة تطلب الجهاد، وأن بين شباب الجامعة عدداً كبيراً من الثائرين الناقمين على الأوضاع الحاضرة؛ ولكن هذا السخط والحقد والتوثب، وهذه الثورة والنقمة لن تنجح في مكافحة الفقر والتعطل إلا إذا انتظمت في جهاد يقوم على خطط مدبرة محكمة

ونحن نعلم أن هناك عقبات كثيرة تقوم دون ظهور حركة منظمة بين الفلاحين؛ ولكن ظهور هذه الحركة (وقد ظهر مثلها بين فلاحي الهند) غير مستحيل إذا تضافرت جهود الشباب المتعلم والعمال مع الفلاحين في هذا الكفاح.

والطبقات التي تؤذيها الأوضاع الاقتصادية الحاضرة تكون الأغلبية الساحقة من الشعب المصري؛ وما دمنا نعيش في نظام ديمقراطي، فإن من الممكن لهذه الأغلبية - إذا وحدت صفوفها - أن يصبح لها يوماً حزب سياسي مستقل قوي يعمل على تحقيق مصالحها

فمسألة الفقر في مصر لن تحل بجهود منعزلة يقوم بها أفراد لا يفكرون إلا داخل حدود حياتهم الضيقة؛ فقد ينجح فلاح صغير - لظروف شاذة - في أن يصبح مالكا صغيراً، وقد ينجح عامل في أن يستولي على مصنع حقير، وقد ينجح بعض المتعلمين العاطلين في الحصول على عمل مكان آخرين مطرودين. . . ولكن هذا كله لن يغير شيئاً في حال ستة ملايين فلاح ومليوني عامل وعشرات الآلاف من المتعلمين العاطلين. . . ولن ينجح أفراد في تغيير أوضاع اقتصادية تقوم على حمايتها سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية منظمة.

ولا تحل مشكلة الفقر بسياسة الإحسان؛ فلن تنجح هذه السياسة - إذا نجحت - إلا في

<<  <  ج:
ص:  >  >>