للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الوادعة المطمئنة، المغمورة بسعادة الحب الجميل، مستغلاً نزعتها الخيالية ليستفيد من أموالها، يروي بها شهوات نفسه المتعطشة للزعامة لذاتها كغاية لا وسيلة، وهكذا يستمر طاغور متتبعاً خطوات (سانديب) في حركته الطاغية العنيفة حتى يستحل في سبيلها خداع زوجة (نيكهل)، وهدم هناءتها الزوجية، وهدم أحلامها العظيمة التي بناها هو لها في خيالها الملتهب، وحتى ينهي حياة هذه الأسرة الطيبة بفاجعة مروعة على حساب وطنيته المموهة.

بهذا التصوير البارع يحدد لنا طاغور حقيقة الوطنية كما يرتضيها هو، وكما يؤمن بها كوسيلة للعمل المنتج في سبيل الأوطان، ولعل هذا العرض يبقى ناقصاً إذا لم نشفعه ببضعة آراء وأفكار خطيرة أدارها على لسان (نيكهل) الذي يبدو لنا أنه هو الشخص المختار في هذه الرواية لتمثيل آراء طاغور نفسه في الوطنية، وأنا أعرض هذه الآراء والأفكار لا لأجل إيضاح معنى الوطنية عند طاغور وحسب، بل لأجل أن تكون أمثالاً عليا نؤمن نحن بها، ونحفر لها مستقراً أميناً في قرارات وعينا، لعلها تكون عوناً لنا في هذه الظروف والأحوال التي تحيط بنا اليوم:

قال (نيكهل) بعد أن أخرج المربية الأجنبية من قصره بتأثير ضغط الحركة الوطنية التي يقودها (سانديب)، وقد شيعها بنفسه في عربته فانتقدته الصحافة الوطنية المتطرفة لأجل ذلك مر الانتقاد: (إنني أخدم بلادي ولكني لا أعبدها، فإني أعبد الحق وهو أعظم من بلادي، أما من يعبد بلاده كما يعبد الله فهو يسئ إليها ويتوهم أنه من المحسنين).

وكان نيكهل يجادل سانديب في بعض آرائه الوطنية فقال له: (. . . أما حقيقة رأيي - الكلام لنيكهل - فهي أن الذي لا يستطيع أن يتحمس لبلاده كما هي حقيقة، والذي لا يستطيع أن يحب إنساناً لمجرد كونه إنساناً، والذي يريد تأليه وطنه بالهتاف والهياج - فهو يحب الهياج أكثر مما يحب وطنه).

وحين شاع أن خزينة المهراجا قد سرقت جاء إلى (نيكهل) أستاذه الحكيم، وفيما هذا يتحدث عن (سانديب) وأتباعه قال هذه الكلمة العظيمة يعني بها رجال الحركة المتطرفين: (لقد وضعوا الوطن حيث طردوا الضمير)

وقال (نيكهل) وهو في نقاش مع (سانديب):

(إني أقول لك الحقيقة (يا سانديب): إنك تجرح عواطفي حين تدعو الظلم واجباً، وتطلق

<<  <  ج:
ص:  >  >>