للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

س - أنت زرت تركيا وكتبت عن التعليم فيها تقريراً مفصلاً، فهل ترى وقد زرت مصر أننا قريبون أو بعيدون من الأتراك من الوجهة الثقافية؟

ج - لا أستطيع أن أتحدث عن الثقافة التركية اليوم، لأني لم أتتبع التطورات الأخيرة في معارف تركيا منذ وفاة المغفور له أتاتورك. أما الثقافة التركية كما عرفتها في سنة ١٩٣٧ فكانت تختلف عن الثقافة في مصر اختلافاً أساسياً وهي بعيدة عنها كل البعد. أولاً لأن الأتراك في ثقافتهم قطعوا صلتهم بالماضي ووضعوا لأنفسهم أسساً جديدة واضحة وجهت الثقافة بموجبها، فهم أخذوا كل ما راقهم من المبادئ الغربية وتركوا الثقافة الشرقية وراءهم. وثانياً لأن الانقلاب التركي جاء شاملاً وسريعاً، بينما مصر تسير على الأساليب الديمقراطية التدريجية، فهي تبقى الجيد من القديم وتضيف إليه الحديث، ولذلك أرى أن الشقة الثقافية قد بعدت بين البلاد العربية والبلاد التركية. هذا ما بدا لي سنة ١٩٣٧ ولا أعرف ما هو الوضع اليوم هناك.

(انتهى ما اخترناه من أجوبة الدكتور الجمالي)

أما بعد فقد فرغت من كتابة هذا المقال في لحظة قدرت فيها أن الدكتور الجمالي لم يصل إلى الحدود المصرية ليجتازها إلى فلسطين، فليكن مقالي هذا تحية ثانية إلى الصديق الذي ودع القاهرة بدموع الوفاء، وليتفضل فيذكر أن القاهرة لا تنسى أحبابها أبداً، ولو بعدت الدار وقدم العهد.

وإذا كان الدكتور الجمالي قد تلطف فدعاني لزيارة بغداد مرة ثالثة فليعرف أني ما فارقت بغداد، ولا غاب عن عيني محيّاها الجميل.

سيَسألُ قومٌ من زكيٌ مباركٌ ... وجسميَ مدفون بصحراء صماء

فإن سألوا عني ففي مصر مرقدي ... وفوق ثرى بغداد تمرح أهوائي

زكي مبارك

<<  <  ج:
ص:  >  >>