للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكان الخط هو السائد في دواوين مصر والشام. وفاتحة الرسالة: (افتخار الاماجد الكرام ذوي الاحترام. . .) وخاتمتها: (لكي بوصوله تبادروا الإجراء العمل بمقتضاها. . .) تتفق مع أسلوب عهد محمد علي. ثم عدم مراعاة قواعد اللغة العربية ووجود ألفاظ أعجمية الشيء الذي كان منتشراً في مصر والشام في النصف الأول من القرن التاسع عشر. ثم تذرع الدكتور رستم بأدلة أخرى، فتأكد من محفوظات عابدين أن شريف باشا كان حاكما عاماً على الشام من أوائل ١٢٤٨هـ إلى أواخر ١٢٥٦هـ. وعرف من سجلات المحكمة الشرعية بالقدس أن أحمد أغا دزدار كان قائماً بأعمال المتسلمية في القدس في ربيع الأول سنة ١٢٥٦هـ. وتثبت أيضاً من أن محمد باشا كان يسيطر على جميع حكام مقاطعات الشام ومن بينهم متسلم القدس أحمد أغا دزدار، ومن أنه كان يتلقى الأوامر من محمد علي باشا وإبراهيم باشا لكي يبلغها للجهات المختصة. ووجد الدكتور رستم أيضاً أن محتويات هذه الوثيقة تتفق مع المعلومات المعروفة عن علاقة اليهود بالبراق وموقف المسلمين منهم من ناحية إباحة اليهود زيارته وتساهل حكومة محمد علي الذي جعلهم يتطلعون للحصول على الإذن بتبليط البراق. وانتهى بحث الدكتور أسد رستم بإثبات صحة هذه الوثيقة من الوجهة الفنية التاريخية سواء من ناحية الورق والحبر والقلم وعادات المراسلة واللغة والأسلوب، أو من ناحية شخص المرسل والمرسل إليه، أو من ناحية مطابقة واتفاق معلوماتها مع الظروف التاريخية.

وهذه أمثلة عملية تبين أهمية وطريقة نقد الأصول التاريخية من ناحية إثبات صحتها وأصالتها وخلوها من الدس والتزوير والانتحال؛ وبغير ذلك لا يستطيع المؤرخ أن يعمل لأنه إذا بنى أبحاثه على الأصول المزودة خرج بنتائج بعيدة عن الحقيقة ومخالفة للواقع التاريخي. وسوف نبحث في المقالات التالية نقد الأصول من نواح أخرى

(يتلى)

حسن عثمان

<<  <  ج:
ص:  >  >>