للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشاعر يعتبر أحياناً محسناً عاما؛ وهذا صحيح إلى حد ما؛ ولكن الشاعر لم يكن قط باختياره محسناً خلقياً، فالشاعر حين يكتب لا يفكر في فعل الخير؛ فهو يتفهم تجاربه فقط. وإذا اعتقد الشاعر نفسه محسنا عاما، فانه يتعثر في عمله. ذلك لأنه يفكر عندئذ فيما قد يراه الناس في عمله، ويكتب تحت هذا الأثر، بدلا من أن يقول الحقيقة.

ثم قال: أن الشعر في كل أمة يتأثر إلى حد ما بالأقاليم والمناظر وما إليها، وأن مناظر الخريف الإنكليزية وتناثر أوراق الشجر، والسماء الشهباء، وفصل الكآبة، قد أثرت في عقول ألوف وألوف من الإنكليز، ولكن رجلا واحدا لاحظها وفهمها؛ ثم أخرج منها أصدق صورة، وصاغ قطعة من أبدع ما في الشعر الإنكليزي؛ وكان هذا الرجل شكسبير. وكذا البلبل وأغاريده، فقد نفذت إلى ذهن فتى يقيم في ضاحية لندن فاخرج عنها قصيدته الخالدة (نشيد إلى البلبل) وكان هذا الشاعر كيتس.

(والفن كله هو التعبير عن التجارب؛ ولكن الشعر لا يعبر عنها إلا باللفظ. وذلك لأن الألفاظ تستعمل للتعبير عن كثير من الأشياء العادية. ولذا وجب أن يستعمل الشاعر الألفاظ بطريقة تجعلها حية دائما. والشعر أعظم من الشعراء، فهؤلاء يموتون، ولكن شعرهم يبقى دائما حياً صبوحاً)

<<  <  ج:
ص:  >  >>