للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أن الصحافة الفاشية قد بعثت شباب إيطاليا بعثاً جديداً ووضعت أمام عينيه - وقد أجادت الاختيار واحترزت من أمره - حقائق لها قيمتها التاريخية لا مجرد أخبار مشوشة مضطربة. وما برحنا على حال لا يضايقها أن نقرر أن الصحافة قد أتمت رسالتها تحت لواء النظام الفاشي، ذلك النظام الذي وضع الصحافة في الصف الأول ومنحها قيادة نبيلة؛ الأمر الذي اصبح معه خضوع الصحف (لرأي الدولة) وهو من نوع استسلام الجندي المخلص لا من نوع تلك العبودية المفروضة على تابع أحسن إليه. و (رأي الدولة) هذا قد ورد ذكره وعرف في المجلد الثامن من كتاب (كتابات وأقوال بنتو موسليني) إذ جاء به (إن رأس الحكمة الفاشية هو إدراك معنى (الدولة) ومعرفة جوهرها وفهم أعمالها والإلمام بأغراضها ومراميها. فإذا كان من مقتضيات الفاشية أن تكون الدولة مطلقة التصرف فذلك من جهة تلك الصلات التي تربط الأفراد والجماعات بالدولة وتربط الدولة بهم. ولا يباح للأفراد والجماعات الحق في التفكير وتكوين الرأي إلا إلى الحد الذي لا يتعدى نطاق ما اختطته الدولة. والحكومة الحرة لا تدبر أمر أعمال المجتمع وتصرفاته ولا تنهض بتقويم نتاجه المادي والروحي بل يقتصر أمرها على مجرد تسجيل النتائج؛ بينما نجد الحكومة الفاشية ولها ما اختصت به من إدراكها لهذه المسائل ومن اختيارها لما تختاره منها ومن مشيئتها فيها ولهذا السبب لقبولها بالحكومة (الأدبية). . .)

انتهينا فيما تقدم - وبعبارة صريحة - من عرض المميزات والفوارق الأساسية بين وظيفة الصحافة في الحكومة الاستبدادية ووظيفتها في الأمم الحرة التي ما زالت حرية الأفراد فيها وهي تعد أمراً طيباً في ذاته؛ ولو كان المبدأ القائل بأنه: (في سبيل الفاشية يجب أن تكون الحكومة حكومة مطلقة) هو مبدأ إيطالي الأصل والنزعة، لساغ أن يتقبله العقل الإيطالي وأن يتحمل ما ينطوي عليه من أعباء الممارسة الفعلية لمسألة هي من أهم مسائل النظام الاجتماعي والسياسي. ومهما كان من التناسق والتلازم في أفكار موسوليني السياسية، فهي مأخوذة - على وجه أو وجهين - من آراء (هيجل) الفيلسوف الألماني الذي صيغت آراؤه عن الدولة - ولاسيما الدولة البروسية - في قالب صعب لأكثر من عصر مضى؛ ولم يكن ما تلقاه (فردريك أنجلز)، (كارل ماركس) من آراء (هيجل)؛ وما أوحى به إليهما فيما انتهيا إليه من نظر عن الدولة الشيوعية بالشيء القليل، وعن (ماركس)، (إنجليز) تلقى (جورج

<<  <  ج:
ص:  >  >>