للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

برغبة ملحة في ألا يدع هذه النظرية تمر من غير تحقيق وتمحيص ومن غير أن يظهر وجه الصواب منها، فأوحى إلى (روبرت لو) أن يفندها، وأن يبين للناس المبادئ التي تنظم كلا الأمرين حرية الصحافة وواجبات الصحفي في المجتمع الحر. ولقد نهض (لو) بهذه المحاجة برأي حازم وبصيرة نافذة؛ وإذ أخذ في مناهضة تلك المزاعم ومناقشة هذه القضية المنطقية التي أثارها (لورد دربي) بما زعمه من أن الصحافة التي تطمح في أن تشاطر الساسة سلطانهم يكون لزاما عليها أيضاً أن تشاطرهم مسئولياتهم، كتب في عدد التيمس الصادر في اليوم السادس من شهر فبراير عام ١٨٥٢ المقال الآتي:

إذا كان الطرف الأول من هذه القضية ثابتاً مقرراً فلا جرم أن الطرف الثاني يتبعه في هذا الثبوت بداهة. ونحن من بين الناس جميعاً أقلهم ميلاً لأن نضع من شأن ما نهض به من عمل خطير أو ننكر ما يقع علينا من مسئوليات وما ننعم به من سلطان نستمده من قوة الشعب وثقة الجمهور. إلا أنه لا يسعنا مهما يتهيأ لنا من أمر هذا السلطان سواء أكان عظيماً أم صغيراً أن نقرر أن من مقتضياته أن نشاطر رجال السياسة أعمالهم، أو أن هذا السلطان مقيد بمثل ما يتقيد به وزراء التاج من قيود العمل والزمن. وبمثل ما يلازمهم من واجب ومسؤولية، فكل من هذين السلطانين متميز عن الآخر تمام التمييز في مقتضياته وواجباته. وهما على العموم أمران مستقلان، وأحياناً شيئان متعارضان يسيران على خطين متوازيين فلا يتقابلان، والصحافة تعبث بحريتها وتقيدها وتحد من نشاطها إثر تلك اللحظة التي تقبل فيها أن تشغل مركز المسود من السيد، وأن تنزل منزلة التابع من المتبوع؛ وهي إن عنيت بتأدية واجباتها باستقلال صحيح تام؛ وبالتالي بما يتطلبه منها جماع المصلحة العامة، لما وسعها أن تهادن رجال الساعة من الساسة أو تحالفهم، أو أن تخضع مالها من شأن خالد ونفع متواصل لما يتهيأ لأية حكومة من سلطان موقوت ونفوذ سرعان ما يزول عنها أو تزول عنه

(البقية في العدد القادم)

زين العابدين جمعة

<<  <  ج:
ص:  >  >>