للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا، ولا إشفاقاً، وإنما يبني علاجاً حاسماً يقضي على أسباب المرض دفعة واحدة لا تقسيطاً؛ ولن يكون هذا العلاج إلا (جَماعياً) تؤمن به الدولة وتسنه قوانينها، حتى إذا جرى مجرى التنفيذ أفاد كل (خلية) في جسم الأمة، كما تغذي الدماء الأعضاء المشلولة بالحياة

هراء. . . محض هراء. . . كل ما تذيعه الصحف من علاجات أرباب المال، لأنهم لا يريدون إلا تبرعاً، والتبرع قد يفيد شخصاً وقد ينجد أسرة، وقد ينقذ ألفاً من الناس، ولكنه لا ينقذ شعباً بأسره يعدّ الفقراء فيه بسبعة عشر مليوناً إلا بضع عشر ألفاً من الأثرياء.

هؤلاء الكتاب يعرفون - أو لا يعرفون - أن سكرة الموت يعقبها هزة عنيفة هي هزة اليأس أو الرجاء، فماذا تراهم صانعين بأقلامهم المزيفة لو صحّ المريض، وسلمت روحه من الفناء، هل يظنون آنذاك أنها إحدى معجزات الإحسان؟!

أم يشهدون أن القوة الكامنة في قرارة النفس المصرية هي التي مهدت له طريق الحياة؟

أيها الكتاب اطرحوا عنكم ضلال المادة. ثم اكشفوا الغطاء عن موطن الداء. تهيئون لكم وللناس فرصة طيبة للعودة إلى الحق والصراط المستقيم. فالتفكير الفردي لا يجذب الجماعات، لأن الإحساس الجماعي يتطلب (تفكيراً جماعياً)، ونحن في أشد الحاجة إلى هذا اللون من التفكير يسود أذهان الكتاب، ولا شيء سواه يمكن أن يضيء للمجتمع طريقه إلى الخلاص وسط هذا الظلام.

والداء العياء لهذا البلد هو الإعسار الشديد في العيش، والإظلام الشديد في العقول والقلوب، حتى أصبحت البيئة المصرية مزرعة لملايين الأمراض البشرية، والأمية سبة في جبين كل مصري يتبعها انحطاط في الأخلاق والتفكير والأحوال المعاشية بوجه عام

داء مصر الوحيد هو الفقر بعينه بشهادة اللجنة المالية لمجلس الشيوخ، فإذا استطعتم أن تقولوا كلمتكم في هذا المرض العضال وشرحتم أسبابه وفصلتم نتائجه ورسمتم على هذا النهج طريق الخلاص، أمكنكم النهوض بهذه الأمة سريعاً، أما غير ذلك فضرب من المحال، وضجة وتشويش في غير مجال.

م. دراج

<<  <  ج:
ص:  >  >>