للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جمع ما تبددْ من آثار (محمد مسعود)؟.

لم يصنع أصدقاء حافظ شيئاً يؤكد الوفاء لذلك الروح الوهاج ولكن الله لم يشأ أن يضيع حافظ في هذه البلاد، فكانت تلك الالتفاتة الكريمة من وزير المعارف الأسبق، (علي زكي العرابي باشا)، الألتفاتة التي قضت بأن يُطبع ديوان حافظ على نفقة وزارة المعارف، وأن يكون ظهوره بداية لطائفة من المطبوعات تُحي ما يُخاف عليه من آثار الشعر الحديث، فقد كان من العجب أن تكون مصادر الأدب في القرن الثاني أقرب إلى الأيدي من مصادر القرن الرابع عشر، وتلك ظاهرة لا نسكت عنها إلا كارهين.

وفي هذا المعنى كتبت في جريدة المصري مقالاً جاء فيه:

(أن العرابي باشا أخذ جزاءه الأوفى يوم ظهر ديوان حافظ، فقد استطاع أن يؤدي إلى اللغة العربية خدمة جليلة بأحياء شاعر كان في عصره ملء المسامع والأفواه والقلوب. . .

وما الذي يمنع أن يتفضل فيشير بطبع مجموعات وافية مما نظم الشعراء وكتب الكاتبون منذ فجر النهضة الحديثة إلى اليوم؟! أنه خليق بأن يجعل ديوان حافظ فاتحة لعهد جديد من المطبوعات العلمية والأدبية التي تشهد بما صنعت مصر في العهد الحديث وهو أن حقق هذه الرغبة فسيمكنّ الأدباء في مصر وفي سائر الأقطار العربية من الوقوف على طلائع النهضة الأدبية، وهي نهضة نرجو أن تقوى وتستفحل لتُشعر الأبناء والأحفاد بأن لهم لغة قوية تطاول اللغات الحية وتسابقها في ميادين العلوم والأدب والفنون. فأن قال الوزير إن أمثال هذه الأعمال مما يقوم به الأفراد لا الحكومات فإنا نجيب بأن الحال في مصر تختلف عما عداها بعض الاختلاف؛ لا يزالون يودون أن ترفع عنهم حكومتهم كثيراً من التكاليف ومن شواهد ذلك مطبوعات الجامعة المصرية ومطبوعات دار الكتب المصرية؛ فهذه المطبوعات يعجز عنها الأفراد، ولا تستطيع المكاتب أن تنهض بها إلا بجهد عنيف. وما بالنا نلح على الوزير في تحقيق هذا الغرض؟ أنه يعرف أن دراسة الأدب الحديث مقررة في المدارس الثانوية والمعاهد العالية، ودراسة هذا الأدب ستضل ضعيفة ما دامت المصادر بعيدة عن أيدي الأساتذة والطلاب؛ فهو حين يحقق هذا الغرض يؤدي خدمة أساسية لا كمالية، ويجعل أبناءه في المدارس الثانوية والعالية قادرين على التمكن من ناصية الأدب الحديث، وهو كذلك سيسن شريعة جديدة لأمثاله من وزراء المعارف في مختلف الأقطار

<<  <  ج:
ص:  >  >>