للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معروف للملمين بتطورات الشرق الأدنى السياسية في العصر الحديث

وأن الكاتب ليلتفت لدراسة الحركة الوهابية، ذلك الانفجار الديني الذي ولد في واحات نجد وكان ما كان له من الأثر الفعال البارز في تاريخ الشرق الإسلامي في ذلك الحين، والذي كان شوكة في جانب الدولة العثمانية، ويظهر أن المؤلف ممن يعتنقون الفكرة القائلة بأن نشأة هذه الجماعة ترجع إلى عدائها للأتراك، فيقول ص ٢٧٧: (إن أخشن رعاياهم أو أوحشهم من القبائل والمقاتلين كانت لا تعرف من القرآن والسنة إلا النزر اليسير. . . وكانوا يضمرون للخليفة ولكل شيء تركي استهانة لا تحتمل، وهذه التفاته جديدة في تفسير دواعي نشأة المذهب الوهابي يمكن أن تضاف إلى الأسباب المعروفة في تكوينه.

ويتناول الكتاب بعد ذلك تطور العراق حتى يصل إلى نهاية القرن التاسع عشر في شيء من التفصيل، وحكومة مدحت باشا. ومن الفصول الجديرة بالمطالعة الدقيقة بحثه عن الخطة الجديدة في إسكان القبائل، والتي تتضمن بيع أراض من أراضي الحكومة بأقساط قليلة سهلة. وتتبين روح المؤلف العلمية في هذا الفصل الذي خصصه لدراسة المصادر التي اعتمد عليها في تأليفه، وهي تربى على مائة وعشرين مرجعاً ما بين تركية وفارسية وعربية وأخرى باللغات الأوربية، وكتب السياحات، وكذلك سجلات شركة الهند الشرقية الإنجليزية. وخلاصة القول أن مراجعة ثبت المصادر أبرز دليل على ما تكبده المؤلف من عناء البحث والتدقيق ومقارنة المصادر بعضها ببعض حتى أخرج كتابه هذا

أما الترجمة العربية فقد وفق الأستاذ خياط كل التوفيق فيها، لما اجتمع له من تمكن في الإنجليزية وهو خريج كاليفورنيا، وحسن تبصر في العربية، وسلامة الأسلوب، ودقة الاختيار للألفاظ. وليس هذا الكتاب بأول كتاب يخرجه المترجم الفاضل بل لقد سبق له أن نقل إلى العربية كثيراً من المؤلفات العلمية، مما يشهد له بطول الباع والمران. وعجيب أن يجد من وقته - وهو المشرف على التعليم الثانوي في العراق - فراغاً يستغله في هذه الترجمة العربية الرائعة. وإن المقدمة التي مهد بها الأستاذ جعفر الخياط بين يدي كتابه هذا لنفحة شعرية، تحس فيها بالحسرة التي تغمره وتغمر كل عربي حر حين يذكر مجد الإسلام في هذه البلاد وما ألم به من محن دامية، قضت على مدنيته الزاهرة، وهي توشك اليوم أن تعود سيرتها الأولى

<<  <  ج:
ص:  >  >>