للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من العطف ما كان يوجهه إلى جيسي. وانقضت تلك الليلة ولم تخبر رودا أباها بشيء. وفي اليوم التالي أجابت جورودون على طلبه بقولها: (. . . ولكن لم يمض على موت جيسي عام واحد، ولها السبب كان من المستحيل أن أتزوج منك)؛ وكانت هذه أول مرة سمع فيها جوردون اسم زوجته المتوفاة؛ واستمرت رودا تقول: (إن ذكراها ستقف على الدوام حائلاً بيني وبينك؛ وإني لأعجب منك كيف نسيتها بهذه السرعة، حتى تريد الآن إحلال أخرى محلها؟ وهمَّ جوردون بأن يتكلم، ولكنها أشارت إليه بالصمت وهي تقول: كلا لن أتزوج منك. فإن هذا مزعج جداً. لقد كنت أحبك إلى حد العبادة يا جوردون، وإنما كان سبب هذا الحب شدة إخلاصك لجيسي؛ ولكنك لم تدم على الوفاء، فأثبت لي أن حبك لم يكن مثلاُ عالياً. قال جوردون: ولكن هل من الممكن يا رودا؟ إن المثل الأعلى في الحب وهم لا يصدقه إلا المجانين والأطفال. إنني آسف لعدم قبولك الزواج مني، وقد كنت أحسب التفاهم بيننا أحسن مما أراه؛ ولقد كنت مخطئاً، وسأعود في الصباح ولن أراك. . . وداعاً!. . . وذهب جوردون وظلت رودا في مكانها تبكي.

ولما رفعت يديها عن عينيها وجدت أباها جالساً بجانبها في حديقة منزل جوردون. ومن الغريب أن الدكتور الذي امتنع خمساً وعشرين سنة عن الزواج حزناً على زوجته، لا يريد أن يفهم رأي ابنته في الزواج. ويقف في صف جوردون ضدها وسألها: لماذا رفضته؟ فدهشت رودا من سؤاله إياها هذا السؤال الذي يدل على علمه بما كتمته عنه فقال: لقد سمعته وهو يطلب يدك. لم تشأ رودا أن تطيل مناقشته فقالت: هل نسيت جيسي يا أبي؟

فضرب الطبيب الأرض بقدمه وقال: يكفي أن يعيش الإنسان في الجحيم سبعة أعوام. ولك أن تنتظري بقية العام إن كنت تريدين المحافظة على مدة الحداد. فقالت رودا: يظهر أن لديك سراً تكتمه عني، فماذا تعنيه بقولك إنه عاش في الجحيم سبعة أعوام؟ إنك تعلم أن الحب كان متبادلاً بينهما. قال الدكتور: إنني أعلم ذلك جيداً ولكن الذي سأخبرك به سيزعجك فاستعدي له. إن جيسي كانت تكتم سرها كل الكتمان، وكذلك كان يفعل جوردون. وقد كان جوردون يظن أنك تعرفين السر مني. ولكني لم أخبرك به. فقالت رودا وقد نفد صبرها: ولكن ما هو هذا السر؟ قال: (إن سر حب جوردون لزوجته ذلك الحب الذي يصلح أن يكون مثلاُ أعلى كما تقولين، إنه في الواقع لم يكن حباً، ولكنه شفقة مع الكراهية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>