للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خيل إلى أن المؤلفات المدرسية التي توجت بأسماء هؤلاء الفحول ليس لهم فيها إلا الأسماء والأرباح، وإلا فكيف أوفق بين علمهم الغزير وخطئهم الكثير! وإليك البيان:

عفا ذو حسا من فرتني فالفوارع. ضبطوا الحاء بالفتح، والمعاجم والسروح تنص على ضمنها.

أتاني - أيبت اللعن - أنك لمتني ... وتلك التي تستك منها المسامع

قالوا: تستك أي تضيق، والمعنى أتتني عنك ملامة يضيق عنها السمع ويأباها. أهـ

وليت شعري أسمع النعمان أم سمع النابغة؟ وأقول: إنما أراد النابغة تستك منها مسامعي فزعاً من هول وعيدك ولومك؛ وإذا كان الضيق من معاني الاستكاك فمن معانيه أياً الضم والانسداد، وهذا هو الذي يناسب مقام الفرع الأكبر الذي حل بالنابغة، فجعله يمعن في الاعتذار والاستعطاف.

مقالة أن قد قلت سوف أناله ... وذلك من تلقاء مثلك رائع

ضموا تاء، قلت: والصواب فتحها. وقالوا: سوف أناله بهجاء أو بأذى، فجعلوا هذا وعيداً من النابغة، لأن التهديد بالهجاء إنما يكون من الشعراء لا من الملوك. وقالوا: تلقاء بمعنى لقاء، أي وذلك مفزع لي عن لقاء مثلك، وفاتهم أولاً أن قوله: أناله معناه أدركه على حد قوله تعالى: (وهموا بما لم ينالوا). وثانياً أن تلقاء هنا معناه جهة أو حذاء على حد قوله تعالى: (ولما توجه تلقاء مدين) وعلى هذا فالمعنى: أتاني وعيدك بأن سوف تدركني أينما اختفيت، وهذا الوعيد منك ومن مثلك من أهل القدرة والسلطان الواسع مخيف مزعج، لا تطمئن معه نفس بعدت عنك أم قربت منك كما قال: ولا قرار على زأر من الأسد.

أتاك بقول هلهل النسيج كاذب ... ولم يأت بالحق الذي هو ناصع

جروا لفظ كاذب، وجعلوه صفة للقول مجازاً عقلياً إذ يقال: كذب الرجل، ولا أعرف كذب القول إلا على حد (عيشة راضية). والأقدمون ينصبونه حالاً من فاعل أتاك، وألمح في النصب إشعاراً بتعمد الكذب، وشاية وإيقاعاً بالنابغة، هذا أبلغ في المعنى.

بمصطبحات من لصاف وثبرة ... يزرن ألالا سيرهن التدافع

كسروا لام لصاف، والصواب فتحها، فقد قالوا لصاف كحذام مكسورة غير منونة، أو كسحاب منونة معربة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>