للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

طريق الكسر من حِدة الشهوة، والكف من سَورة الطموح، والغضّ من إشراف الطمع؛ فرغَّب الغنى في الزهد، وأمر الواجد بالقناعة، ومدح الفقير بالتعفف.

ذلك ما عالج به الإسلام داء الفقر الذي أعيا الإنسانية منذ الدهر الأول. وهو على إحاطته وبساطته ونجوعه ينهض وحده دليلاً على أفَن الذين يقولون إن دستور القرآن لا يأتلف مع المدنية، وشريعة نابليون أصلح للناس من شريعة الله، ونظام مَرْكس أجدى على العالم من نظام محمد.

فلو أن كل مسلم أدى حق الله في ماله، ثم استفاد لأريحية طبعه وكرم نفسه، فأعطى من فضل، وواسى من كفاف، وآثر من قلة؛ ثم قيض الله لهذا كله من ولاة الأمر من يجمعه على أكمل حال، ويدبره على أفضل وجه، ويوزعه على أعدل قسمة، لكان ذلك عَسِيَّاً أن يُقر السلام في الأرض، ويُشيع الوئام في الناس، فتهدأ ضلوع الحاقد، وترقأ دموع البائس، ويسكن جوف الفقير، ويذهب خوف الغني، ويتذوق الناس في ظلال الرخاء، سعادة الأرض ونعيم السماء.

أحمد حسن الزيات

<<  <  ج:
ص:  >  >>