للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقالوا: لا بد أن يكون قادراً على التمييز بين الصحاح والحسان والضعاف من الأحاديث، بحيث يعرف حال رجال الإسناد معرفة يتمكن بها من الحكم على الحديث بأحد هذه الأوصاف؛

والشوكاني يعلق على هذا الشرط فيقول: (وليس من شرط ذلك أن يكون حافظاً لحال الرجل عن ظهر قلب، بل المعتبر أن يتمكن بالبحث في كتب الجرح والتعديل من معرفة حال الرجال)؛ وكذلك يقول صاحب مسلم الثبوت: (مع العلم بحال الرواة، ولو بالنقل عن أئمة الشأن).

وقالوا لابد أن يكون عالماً بمسائل الإجماع، وبالناسخ والمنسوخ. ويقيد الشوكاني هذا الشرط بقوله: (إن كان ممن يقول بحجية الإجماع ويرى أنه دليل شرعي)

ويقول الغزالي (وليس معنى ذلك أنه يلزمه أن يحفظ جميع مواقع الإجماع والخلاف بل في كل مسألة يفتي فيها فينبغي أن يعلم أن فتواه ليس مخالفاً للإجماع. إما بأن يعلم أنه موافق مذهباً من مذاهب العلماء أيهم كان، أو يعلم أن هذه واقعة متولدة في العصر لم يكن لأهل الإجماع فيها خوض)

أما الناسخ والمنسوخ فهذه كتب التفسير والحديث تعد بالمئات وقد تكفلت بيان مواضع النسخ بياناً شافياً. على أن جهابذة العلماء لا يرون القول بنسخ شيء من الكتاب الكريم

شرطوا بعد ذلك أن يكون المرء عالماً بلسان العرب وعلم أصول الفقه، ثم قالوا إلى حد يميز بين صريح الكلام وظاهره ومجمله وحقيقته وخاصة ومجازه وعامه وخاصه ومحكمه ومتشابهه ومطلقه ومقيده ونصه وفحواه ولحنه ومفهومه الخ

الأمر في ذلك يسير وإن بدا متعسراً. فعندنا من العلماء من يعرف لسان العرب كما يعرفه العرب أنفسهم، زمن فاق الأولين بصراً بعلم أصول الفقه وقدرة على التصرف فيه، وبين أيدينا جميع مؤلفات العلماء في ذلك وفي قدرتنا أن نستخرج منها ما نريد، وقد قربوها كما يقول الشوكاني أحسن تقريب!

هذه هي شروط الاجتهاد كما يراها المتأخرون، وهي شروط في المجتهد المطلق الذي ينظر ويستدل ويسستنبط في جميع أبواب الفقه، فأما الذي ينظر في باب دون باب، أو في مسألة دون مسألة، فالأمر فيه أيسر، وقد أجازوا له ذلك دون أن يشترطوا فيه إلا (أن يكون على

<<  <  ج:
ص:  >  >>