للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جزاكم الله يا معشر الأنصار خيرا، فوالله ما مثلنا ومثلكم إلا كما قال الغنوي:

جزى الله عنا جعفراً حين أزلقت ... بنا نعلنا في الواطئين فزلت

أبوا أن يملونا ولو أن أمنا ... تلاقى الذي يلقون منا لملت

فذو المار موفور وكل معصب ... إلى حجرات أدفأت وأظلت

من أجل تلك المشقة التي نالت المهاجرين الأولين في سبيل الله اعتبر القرآن هجرتهم هجرة إلى الله ورسوله، ومن أجلها جعل أولئك المهاجرين أرفع طبقات المسلمين درجة وأجزلهم مثوبة، وفرض مثل هجرتهم على كل مسلم عند خوف الفتنة ولحوق الضيم، قال تعالى (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم؟ قالوا كنا مستضعفين في الأرض، قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها، فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا: إلا المستضعفين من الرجال والنساء والوالدان، لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم، وكان الله عفوا غفورا. ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة، ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً).

أما بعد فلقد وفق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كل التوفيق عندما اتخذ هجرة الرسول من مكة إلى المدينة تاريخاً يحسب منه المسلمون سنيهم وأيامهم، ويؤرخون منه أحداثهم ووقائعهم. انه لا شك قد لحظ في الهجرة أنها بدء رسوخ الإسلام، ولكنا نلحظ فيها فوق ذلك أنها كانت مظهراً رائعاً لعناصر الحياة القوية النبيلة: حياة الألم والتضحية والإخلاص.

عبد الحميد العبادي

<<  <  ج:
ص:  >  >>