للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العجاف

للهجرة أعياد، ومن أعيادها عيد الصبر

ومن ذا الذي صَبر صبر الرسول على المكاره، وتحمل من لأعداء والأهل مالا تتحمله النفوس البشرية؟. . . في ظلال الإرهاب سار وبليْل الأخطار أدلج؛ رأى الموت فلم يفزع، وكيف تفزع النفس المؤمنة، ومن فيضها اقتبس الإسلام قوة جهاده، واستمدت العروبة عزمتها القادرة وقوتها القاهرة؟ من ذا الذي سواه يستطيع أن يخلع علي مكاره الأيام من روحه المؤمنة روحاً تسهَّل كل صعب وتنال من كل مستحيل. . .؟

يا عجباً! لقد استطاعت القوة المؤمنة أن تفك الحبالة وتسلك إلى النفوس في جوٍ كانت تسير فيه قاله السوء كومض البروق، في جو اجتمع فيه الأشرار على باطل وتفرقوا عن كل حق. . . ومن صبر الرسول الكريم وصبر أصحابه الأبرار ما نزال نستمد العون كلما طرقنا من الحوادث أمر طروق

للهجرة أعياد، ومن أعيادها عيد الجهاد

وجهاد المؤمنين لا ينقصه الدليل ليصدق، ولا يتطرق إليه الشك فينقص؛ فلقد كانت الحقيقة المؤمنة في نفوسهم قوة، وفي قلوبهم حيوية، وفي سيوفهم قدراً عاصفاً، وفي عيونهم أملاً يعلم أنه محقق!

جاهدوا وثابروا فنالوا ما أرادوا، وبعون الله كشفوا عن القلوب غطاء الجهالة؛ فتناثرت أباطيل الظلال أمام يقينهم، وانطمست شمس الضلالة الزائفة أمام إشعاع إيمانهم، وسقطت آمال المنافقين أمام إعصار الحق، كما تتساقط أوراق الدوحة الهزيلة عندما تطيح بها العاصفة

فإلى جهاد المؤمنين في فجر الإسلام توجهوا أيها المسلمون في أقطار الأرض، واستلهموا من معانيه الحيوية معاني العزة القومية، والقوة والإباء، والصبر والجلاد

تلك بعض أعياد الهجرة، ومن أعيادها عيد الإيثار وحب الوطن والثبات على المبدأ

أما الإيثار، فينطق به الأنصار عندما نسوا الأثرة واستقبلوا المهاجرين بكرم اليد وكرم والقلب، وقاسموهم الخير والأرض، وعطفوا عليهم عطف العالم بما لا قوا، المقدر لما تحملوا، المعجب بما أظهروا

<<  <  ج:
ص:  >  >>