للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٢٥ - المصريون المحدثون]

شمائلهم وعاداتهم

في النصف الأول من القرن التاسع عشر

تأليف المستشرق الإنجليزي إدوارد وليم لين

للأستاذ عدلي طاهر نور

تابع الفصل السادس - عاداتهم

كثيراً ما يلجأ الأب والأقارب الفقراء إلى التخلص من الطفل الذي ماتت أمه ولم يفطم عندما لا يستطيعون الحصول على ظئر له. وقد يوضع الطفل أحياناً على باب المسجد ساعة صلاة الجمعة، فيحدث عادة أن تأخذ الشفقة بعض المصلين عند خروجه من المسجد فيحمله إلى منزله حيث ينشأ في أسرته كطفل متبنى لا رقيق. وقد يعتني بعضهم بالطفل حتى يجد له رجلاً أو امرأة تتبناه. وقد حدث من زمن غير بعيد أن عرضت امرأة على سيدة من أسرة يعرفها صديق لي أن تبيعها طفلاً سنة بضعة أيام وجدته على باب مسجد؛ فقبلت السيدة تربية الطفل لوجه الله رجاء أن يحفظ لها طفلها الوحيد جزاء هذا الإحسان.

ثم ناولت المرأة التي أحضرت الطفل عشرة قروش ولكنها رفضت الأجر المقدم. وهذا يبين أن الأطفال يصبحون أحياناً مجرد سلع، ويستطيع من يشتريهم أن يجعلهم عبيداً له يتصرف فيهم كما يشاء. وقد أخبرني أحد النخاسين وأكد لي غيره خبره هذا أن الوالدين قد يبيعان الصغيرات أحياناً باعتبارهن جواري مجلوبات من بلاد أخرى؛ وأن كثيراً من أولئك البنات سلمن إليه بإرادتهن ليبيعهن؛ وقد ألقى في روعهن أنهن سينعمن بالملابس الفاخرة والترف العظيم، وعلمن أن يقلن أنهن أحضرن من بلادهن في سن الثالثة أو الرابعة ولذلك يجهلن لغتهن الأصلية، وإنما يمكنهن التكلم بالعربية فقط.

وكثيراً ما يحدث أيضاً أن الفلاح يضطره الضنك الشديد إلى وضع ابنه - مقابل مبلغ من المال - وضعاً أسوأ بكثير من الرق. وذلك عندما يطلب مجندون أولاد من يقتنون وهؤلاء يستطيعون أن يخلصوا أولادهم من الجندية بأن يعرضوا على الفلاحين الفقراء أن يجندوا

<<  <  ج:
ص:  >  >>