للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بدلاً من استعمال الأسلوب المنطقي الفلسفي. خذ مثلاً محاولتهم البرهنة على خلود النفس فإنك لا ترى سوى أساطير تحكي عن الأنبياء وآل البيت وسقراط وإبراهيم ونوح وأفلاطون وأرسطو وفيثاغور وما قاله كل منهم وما عمله كل. وتخرج من هذا الموضوع إذا بحثته بحثاً علمياً كما ابتدأت فيه دون أن تقتنع، ولكن عقلية العامة يوافقها هذا الأسلوب تماما.

هذا وقد وضع الإخوان لرسائلهم مقدمة أشبه بالفهرست بينوا فيها بإيجاز عدد الرسائل والموضوعات التي تعرض لها بحثهم: (وهذه فهرست رسائل إخوان الصفا، وخلان الوفا، وأهل العدل، وأبناء الحمد، يجمل معانيها وماهية أغراضهم فيها: وهي اثنتان وخمسون رسالة في فنون العلم وغرائب الحكم وطرائف الآداب وحقائق المعاني من كلام الخلصاء الصوفية، صان الله قدرهم وحرسهم حيث كانوا في البلاد؛ وهي مقسومة على أربعة أقسام: فمنها رياضية تعليمية، ومنها جسمانية طبيعية، ومنها نفسانية عقلية، ومنها ناموسية إلهية). ثم أخذوا يبينون موضوع كل قسم: فالرياضيات تشمل العدد والهندسة والموسيقى والفلك والصنائع والمنطق بمقولاته وعباراته وبراهينه؛ والطبيعيات يتكلمون فيها على الهيولي والصورة والسماء والعالم والكون والفساد وكيفية تكوين المعادن وفي النبات والحيوان؛ والرسائل النفسانية تبحث في المبادئ العقلية وفي البعث والصور والنشور والقيامة؛ والإلهية تبحث في الآراء والمذاهب، وبيان اعتقاد إخوان الصفاء وكيفية أنواع السياسات وماهية السحر والعزائم. ويختمونها بالرسالة الجامعة التي لم تصل إلينا والتي كشف فيها كما يقولون عن كثير من الرموز والكنايات التي امتلأت بها رسائلهم: (وتليها الرسالة الجامعة. . . . . . المشتملة على حقائقها بأسرارها. . . إذ هذه الرسائل كلها كالمقدمات لها والمدخل إليها والأدلة عليها والأنموذج منها. . . وهي منتهى الغرض لما قدمناه.

ومثلهم في ذلك - على حد تعبيرهم - كمثل بستاني له حديقة لم تر العين مثلها حسناً وإبداعاً، وأراد لكرمه أن يدعو الناس إليها والتمتع بما فيها، فأخذ نماذج من أزهارها ورياحينها وفاكهتها ووقف أمام بابها يعرضها على الناس، حتى إذا تذوقوها وعرفوا مزاياها واشتاقت نفوسهم لدخول البستان أفسح لهم الطريق كي يتمتعوا ما شاءوا ويتلذذوا ويطربوا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>