للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

احمد المحروقي، والشيخ عبد الله الأودي، ومن صدور القراء السيد الصواف، والمشايخ حنفي برعي، وأحمد ندا، وعلي الفلاحة، واللبان، وأبا السعود، وعلي يوسف، وعلي الجنيد، والمناخلي، والعيسوي. والشيخة أسمهان، كما سمعت هؤلاء المعاصرين الأحياء، وصل الله في أعمارهم يمتع بهم الأبناء والأحفاد، كما متع بسلفهم الآباء والأجداد.

ولست أحاول في كلمات ارتجلها للرسالة ارتجالا، وأرسلها من عفو الحديث إرسالا، أن أتحدث عن هؤلاء جميعاً. وما كان هذا المقام ليحتمل هذا كله ولا بعضاً من بعضه. بل ولست أحاول أن أستغرق بالحديث واحداً من هؤلاء، فأدل على منجمه ومنشئه وخلقه وسيرته، ولون صوته، ومأتي فنه، وعمن أخذ، وكيف ذهب، وماذا أجد في الفن بصنعته. فذلك مما يستهلك الكثير من الصحائف ومن الوقت والعزم معاً، ولكنني أكتفي بذكر اثنين من أحداث أربعة شهدتها بنفسي. ولو قد حدثني بها محدث لا تهمته بالغلو إذا لم أعدل به إلى التزيد. وأحدها، كان من محمد عثمان، وهذا أدخره للمحاضرة التي ألقيها في شأنه، والثاني من الشيخ أحمد ندا. وهو من أشياء أضيفها إلى المقال الذي كتبته فيه عقب موته. أما الحادثان اللذان أطالع بهما قراء (الرسالة) اليوم فأحدهما يتصل بعبده أفندي الحمولي، والثاني بالشيخ علي الجنيد، عليهما رحمة الله.

وقبل أن أسترسل بالحديث أرجو أن الفت الشباب إلى شيء واقع دائر شديد الدوران بين الناس. ذلكم أن الإنسان بطبعه أثر شديد الأثرة، فهو لا يحب بل ولا يكاد يطيق أن يبرعه أحد في سبب من أسباب الحياة. ومن هذه الخلة أصاب الحسد مدخله من نفوس الناس، ولهذه الأثرة، أو لهذا الحسد مظاهر شتى وآثار تختلف وتتفق وتلتقي وتفترق. ومن أغربها في طباع المصريين، بوجه خاص جحود فضل القائمين في الحياة. فان لم يكن إلى هذا سبيل فهنالك الذرائع المختلفة لتهاون أقدارهم، والحط من حظوظهم في أقطار الفضائل والنعم. فإذا أعيا هذا على الناس أيضاً راحوا يشيدون بفضائل من تقدموا، وينحلونهم من الأسباب ما يبرعون به القائمين في مزاياهم، ويجهرونهم به في جمال خلق، أو جمال فن، أو جمال صوت.

وكلما علت بالمرء السن تزيّد في هذا وأسرف لا حد المعاصريه من أهل الفضل ومن أصحاب الفنون وحدهم، بل مكايدة أيضاً لهؤلاء الناشئين الذين يستقبلون الحياة (وتحنيسا)

<<  <  ج:
ص:  >  >>