للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- اترك هذه الفلسفة وحدِّد رأيك في آدم

- هو من المذنبين

- لأنه غريمك في حواء؟

- غريمي في حواء؟ كيف؟ وهل جُنِنْتُ حتى أهيم بمخلوقة لا تملك غير عينين نجلاوين، ولا تعتزّ بغير قدها الرشيق وأنا أعرف أنها سرقت سواد عينيها من عيون الظباء، ونهبت مرونة قدها من أعواد ألبان؟ أنا أحب مخلوقةً مقتولة اللحظ، مبحوحة الصوت؟

- هي سبب نكبة آدم فلتهبط معه إلى الأرض

- يهبط وحده، وتبقى حواء، فما عددت عليها ذنباً يستوجب العقاب

- هذا ما أردنا أن نصل إليه، فقد زعم خصومك أنك لم تراع الأمانة في عدّ أعمال حواء

- اسمعوا، أيها الملائكة، اسمعوا، هل تظنون أن الله يحتاج إلى من يعدّ على عباده الذنوب؟ إنه عز شأنه يعلم من سرائر القلوب ما لا نعلم؛ وهو لم يوكِّلنا بعدّ الأعمال إلا ليختبر ما نحن عليه من الأدب والذوق، فهو يبغض أن نكون جواسيس، وهو يرجو أن نتخلق بأخلاقه فنتغاضى عن أشياء

- وهل يتغاضى الله عن أشياء!!

- لو حاسبَ الله مخلوقاته بالعدل الحاسم لأهلك طوائف من الملائكة والناس

- من الملائكة؟

- نعم، من الملائكة، الملائكة الذين يتعقبون رفيقاً من رفاقهم فيأخذون عليه أنه قدَّم باقةً من الزهر إلى حواء!

- لا تنس أنهم الملائكة الذين يرجون أن تتناسى ذنب آدم كما نسيت ذنوب حواء!

وهنا وقف أحد كبار الملائكة وصاح:

(أيها الرفاق المصطفَوْن

لا أحب أن نحترب في شأن آدم أكثر مما احتربنا، فلنا مع أسلاف هذا المخلوق تاريخ، وستكون لنا معه تواريخ، وأنا أدعوكم إلى الرفق به إن دعيتم إلى الشهادة غداً في ساحة العدل، فالصدق في الشهادة يٌطلب في حالة واحدة، وهي الحالة التي يقضي فيها كتمان الشهادة بضياع الحقوق، والترفق بآدم لن ينتصر به باطل، ولن ينهزم به حق، وأنا أخشى

<<  <  ج:
ص:  >  >>