للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- كنا؟

- نعم، كنا، وما فات مات

- أوضِحْ، يا رفيقي، أوضحْ

- كانت الجنة جنة

- فصارت؟

- فصارت كما ترى، ألا تعرف أن آدم عصى ربه فغوى؟

- وما خَطَرُ ذلك؟

- هو خطرٌ فظيع فظيع، وأنا أخشى أن تكون معصيته قدوة سيئة لجميع سكان الفردوس، فسيقول قائلهم: أن ما جاز صدوره عن الكبار يجب صدوره عن الصغار

- وأدم كبير؟

- هو كبير الكُبَراء، وستعرف صدق ما أقول بعد حين

- وإذن تكون معصيته شراًّ مستطيراً، واغلب الظن أن الله سيطرده من الجنة بلا إمهال

- برغم منزلته العالية؟

- خفضته المعصية، فلينزل إلى الحضيض، إلى الأرض التي لا يعرف فيها السعادة غير الديدان، فهي وحدها التي تُرزَق في الأرض بغير حساب

- والنتيجة؟

- والنتيجة أن جلسة اليوم تحتاج إلى حزم، وهي تجربة قاسية، فلنحاول تقسيم الحاضرين إلى طوائف تَفْصِل بينها حواجز، لنأمن الثورة المرتقبة من هياج الغرائز الغافية في

صدور الطير والحيوان. ولهذا اليوم ما بعده يا رفيفي، فان نجحنا في تنظيم هذه الجلسة إلى أن تمر بسلام، فسنكون أهلاً للثقة التي تمنحنا الحق في أن نكون على جميع الخلائق رقباء

اليوم المشهود

كان سكان الجنة تسامعوا بأخبار حواء، ولم يرها منهم إلا الأقُّليون، بسبب احتجازها بين البواسق، وبسبب نفرتها من أهل اللغو والفُضول، وبفضل ما فُطِرت عليه من الدلائل المَدُوف بالكبرياء

والفرصة الوحيدة لأن يروها أجمعون هي حضور محاكمة آدم في ساحة العدل، فمن المؤكد

<<  <  ج:
ص:  >  >>