للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكتابة في شأنهم الأدباء غفلةً أو تهاوناً، على أن أمرهم سيئ العواقب على المستقبل: تراهم مبثوثين في كل طبقة كما انبثت الطفيليات في المواد الحيوية، تبقث هي الجراثيم، وعلى ضحاياها تحمل النتائج:

هنا نادٍ ذو غاية نبيلة يعمل بعيداً عن الدسائس، فيندس فيه من لا يظهرون إلا على خراب غيرهم، فلا يزالون به حتى تسودّ بين الناس صحيفته. وهناك صحيفة كانت راقية أخذت تشجع هذه الطفيليات بدل أن تنصحها أو تبعدها، حتى انحط مستواها وكسدت سوقها بين العارفين

فإن رحت تبحث عن بواعث الداء وجدته في فقدان الكرامة وضعف الضمير المسلكي عند القيمين على بعض دور الصحف والمجلات وأندية العلم، ولو أنهم أقاموا لموازين الحق بعض الاعتبار، لحفظوا أقدارهم من السقوط

أفليس من واجب الأدباء أن نرى مثل هذه الألوان في أدبهم، وأن نجد فيه صفة هذه الطبقة والتحذير منها ومن ضررها على الناشئين وعلى سمعة البلاد الأدبية. ومعالجة هذا الداء واجبة، إذ لا يخلو من مرضاه مصر من الأمصار. فهل لي أن أقرأ في هذه المجلة الكريمة لكتابنا الاجتماعيين كلمات شافيات؟

وبعد، فلست متشائماً، ولا أمنع أن يكون فيمن ينتسبون إلى العلم والأدب أناس علماء حقَّا أدباء حقَّا، لهم كرامة وبهم شجاعة؛ لكنني موقن أنهم مشتتون، جهودهم ضائعة غير متضافرة، مع إيثار منهم للراحة والسلامة، فلهؤلاء أقول:

إنكم حقاً في سبيل صون ميادين العلم والأدب عن الأدعياء الأدنياء ستلقون أذىً كثيراُ ولكن العاقبة لكم، والغثاء أبدا إلى الاضمحلال. وما بلينا به بلي به من كان قبلنا، ولم يخل عصر من مثل هذه الطبقة التي لا تحسن شيئاً وتستطيل على المحسنين، وما جمع الله لذي كرامة: الصدع بالحق، والسلامة من الناس.

(دمشق)

سعيد الأفغاني

<<  <  ج:
ص:  >  >>